للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: لكن الأثر المشار إليه باطل لا يصح، رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: هذا حديث موضوع بلا شك، وأقره الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" "٢٧٣" فلا يحتج به، وإن كان قول القائل: أسألك بمعاقد العز من عرشك يعود إلى التوسل بصفة من


= بغيره كما في حديث أصحاب الغار وحديث بريدة وقد تقدما ص ٣٣-٣٤ ويفسرونهما على غير الوجه الصحيح يقولون هذا مع أنهم في منهجهم العام وسبيلهم المعروف غارقون في التقليد إلى آذانهم ويعرضون عن أي حديث صحيح الإسناد صريح الدلالة إذا كان مخالفا لمذهبهم فما بالهم يعودون إلى منهجنا هذا حينما سدت في وجوههم سبل الرد علينا من المذهب؟ ترى هل هذا تناقض منهم أو غفلة أم وهم {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} ليردوا الحق الذي نص عليه إمام مذهبهم لأنه يوافق ما تدعوهم إليه من ترك التوسل بالذات إلى التوسل بالله تعالى وصفاته؟
وليت شعري هل هم مستعدون لأن يكون العمل بما صح به الحديث منهجهم في فقههم كله حتى نطالبهم بعشرات بل بمئات الأحاديث الصحيحة التي خالفوها إلى مذهبهم وبذلك تتفق وجهة نظرهم مع وجهة نظرنا أم سيكون شأنهم اتباع الحديث ومخالفة المذهب إذا وافق ذلك الهوى والغرض والتمسك بالمذهب ومخالفة الحديث إذا لم يوافق ذلك الهوى والغرض!
وأما احتجاجهم بحديث بريدة وحديث أصحاب الغار فمردود لأنهما صريحان في التوسل بالعمل الصالح وهو الشهادة بالتوحيد في الحديث الأول وبر الوالدين والعفة عن الحرام والإحسان إلى الأجير في الحديث الثاني ونحن قد قلنا بذلك ولم نتعصب لقول أبي حنيفة السابق الذي ينفي ظاهره هذا النوع من التوسل ولا يلزمنا نحن الأخذ به إذا خالف الحيث لأن الحديث مقدم عندنا على قوله وما الخلاف بيننا وبين المقلدة إلا فيما يظهرون "والله أعلم بما يكتمون" وأما تسميتهم هذا التوسل بدعاء الله بغيره فهي من تدلساتهم الباطلة ومغالطاتهم المكشوفة كم لا يخفى على ذوي الألباب.

<<  <   >  >>