للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما السنة فقد استُدل لهذا القول بأحاديث:

(١) حديث المقدام بن معد يكرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته، يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لُقَطَةُ معاهَد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم، فعليهم أن يَقروه، فإن لم يقروه، فله أن يُعقِبهم بمثل قراه" (١) . وفي لفظ لهذا الحديث زيادة: " ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه سلم مثلُ ما حرم الله" (٢)

ووجه الدلالة من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم نص على أنه أُتي مثلَ القرآن، ولم يكن ذلك إلا السنة، وتعبيرُه بالإيتاء، يدل على أنها تنزل عليه كما ينزل عليه القرآن، ثم إن المثلية المذكورة تحتمل أنها مثله في القرآنية، أو مثله في الاحتجاج بها، أو مثله في تنزيلها عليه، والوجه الأول باطل


(١) أخرجه أبو داود في العلم – ٤/٢٠٠/ واللفظ له، وأحمد – ٤/١١٣/ والطحاوي في المعاني – ٤/٢٠٩/ والآجري في الشريعة – ص ٥١/ كلهم من طريق عبد الرحمان بن أبي عوف، عن المقدام مرفوعا، وإسناده صحيح.
(٢) الزيادة أخرجها الترمذي - ٥/٣٨/. وابن ماجه - ١/٦/ والطبراني في الكبير - ٢/٢٧٤/ والطحاوي في المعاني – ٤/٢٠٩/ والدرامي – ١/١٤٤/ والحاكم ١/١٠٩/ كلهم من طريق معاوية بن صالح، عن الحسن بن جابر اللخمي، عن المقدام مرفوعا، وليس عند هؤلاء جميعا جملة: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" ولا "ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي " إلخ. وصححه الحاكم، وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه. وليس كذلك، لأن الحسن بن جابر مجهول، لم يوثقه إلا ابن حبان، ومقتضى تصحيح الحاكم وتحسين الترمذي له، أنه عندهما مقبول، لكن له شاهد من حديث العرباض بن سارية، عند ابن ماجه حديث – ٣٠٥٠ – وفي سنده أشعت بن شعبة المصيصي، وثقه ابن حبان، وأبو داود إن صح عنه وقال أبو زرعة: "لين" ومثله يصلح في الشواهد، وبه ترتقي هذه الزيادة لدرجة الحسن بغيره. وتصلح للاحتجاج بها على المطلوب.

<<  <   >  >>