للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالإجماع، فلم يبق إلا الثاني والثالث، وهما المطلوب.

وأما الزياده المذكورة، فوجه الدلالة منها، أنه صلى الله عليه وسلم سوَّى بين ما يحرمه هو وما يحرمه الله تعالى، وذلك لا يكون منه إلا بوحي، لأنه لو كان اجتهادا منه، لما صحت هذه التسوية شرعا ولا واقعا، ولما قطَع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه التسوية، لأن أحكام الاجتهاد لا قطع فيها، فلما جزم بالتسوية بين ما يحرمه هو وما يحرمه الله عز وجل، علمنا أن ذلك كان منه بوحي لا برأي.

(٢) حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير........ الحديث١. ووجه الدلالة منه أن الله بعثه بالهدى والعلم، وهما يشملان الكتاب والسنة، واستعمال لفظة "بعث" تدل على أن ذلك ليس برأي ولا قياس.

(٣) حديث يعلى بن أمية أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجِعِرّانة، وعليه جبة، وعليه أثر خَلوق، فقال كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ فأَنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم فستر بثوب، ووددت أني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي، فقال عمر: تعال، أيسرك أن تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزل الله عليه الوحي؟ قلت: نعم، فرفع طرف الثوب فنظرت إليه، له غطيط كغطيط البَكر، فلما سُري عنه قال: "أين السائل عن العمرة، اخلع عنك الجبة، واغسل أثر


١ البخاري في العلم، باب فضل من علم وعلم – الفتح – ١/٢١١/ ومسلم- ٢/٨٣٦/ حديث ١١٨٠.

<<  <   >  >>