والبوطي كما ترى يقلل من تلك المحنة، بل إن العلماء الذين قتلوا وعذبوا كانوا على غير صواب، لأن القرآن الموجود بين أيدي المسلمين مخلوق.
موضوع الكتاب
أما موضوع الكتاب- فهو الرد على القائلين بأن القرآن مخلوق وقد ذكر ذلك
في مقدمة الكتاب حيث قال:
"اتصل بي وأنا بمكة ما قد أظهر بشر بن غياث المريسي ببغداد من القول بخلق القرآن، ودعائه الناس إلى موافقته على قوله ومذهبه وتشبيهه على أمير المؤمنين المأمون، وعامة الناس، وما قد دفع الناس إليه من المحنة والأخذ في الدخول في هذا الكفر والضلالة، ورهبة الناس وفزعهم من مناظرته وإحجامهما. عن الرد عليه ... واستتار المؤمنين في بيوتهم وانقطاعهم عن الجُمعات والجماعات وهربهم من بلد إلى بلد خوفا على أنفسهم وأديانهم وكثرة موافقة الجهال والرعاع من الناس لبشر على مذهبه وكفره وضلالته ... والانتحال لمذهبه رغبة في الدنيا ورهبة من العقاب الذي كان يعاقب به من خالفه على مذهبه "
وقد جرت المناظرة بين بشر المريسي وعبد العزيز الكناني في هذه المسألة وقد أورد الكناني في هذه المناظرة الأدلة القاطعة الدامغة لمن ينتحل هذه الفكرة بأسلوب أدبي علمي عجيب دل على سعة علم الكناني ومعرفته لكتاب الله وسنة رسوله فقد انتزع منه الحجج القطعية التي أبطل بها مذهب الجهمية والمعتزلة ومن يقول بقولهم من أن القرآن مخلوق.
وقد أصلت المناظرة على الاحتجاج بنص التنزيل والرجوع عند الاختلاف إلى كتاب الله أو سنة رسوله، ولما عجز بشر عن ذلك طلب المناظرة بالنظر والقياس, فأجابه الكناني لذلك، ثم أبطل حجته.
وهي رسالة جديرة بالقراءة، ومن قرأها مرة فلابد أن يعود إليها مرة أخرى لما حوته من معلومات قيمة وأسلوب أدبي علمي رفيع.