فقلت يا أمير المؤمنين سألته عن كلام الله عز وجل أمخلوق هو" قال: "نعم". فقلت له: "ما صح يلزمك في هذا القول وهو واحدة من ثلاث لابد منها أن تقول إن الله خلق كلامه في نفسه، أو خلقه في غيره، أو خلقه قائما بذاته. فإن قال إن الله خلق كلامه في نفسه فهذا محال لا يجد السبيل إلى القول به من قياس ولا نظر معقول لأن الله عز وجل لا يكون مكانا للحوادث ولا يكون فيه شيء مخلوق ولا يكون ناقصا فيزيد فيه شيء مخلوق، ولا يكون ناقصا فيزيد فيه شيء إذا خلقه تعالى أدته عن ذلك وجل وتعاظم.
وإن قال:" خلقه في غيره فيلزمه في النظر والقياس أن يمل كلام خلقه الله في غيره هو كلام الله لا يقدر أن يفرق بينهما فيجعل الشعر كلاما لله تعالى ويجعل قول الكفر والفحش وكل قول ذمه الله وذم قائله كلاما لله عز وجل وهذا محال لا يجد السبيل إليه ولا إلى القول به لظهور الشناعة والفضيحة على قائله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا".
وإن قال:"خلقه قائما بنفسه وذاته وهذا هو المحال الباطل الذي لا يجد إلى القول به سبيلا في قياس ولا نظر ولا معقول لأنه لا يكون الكلام إلا من متكلم كما لا تكون الإرادة إلا من مريد ولا العلم إلا من عالم ولا القدرة إلا من قادر ولا رئي ولا يرى كلام قط قائم بنفسه يتكلم بذاته وهذا مالا يعقل ولا يعرف ولا يثبت في نظر ولا قياس ولا غير ذلك فلما استحال من هذه الجهات أن يكون مخلوقا ثبت أنه صفة لله عز وجل وصفات الله عزوجل كلها غير مخلوقة فبطل قول بشر يا أمير المؤمنين من جهة النظر كما بطل من جهة القرآن والتنزيل".
فقال المأمون:"أحسنت "يا عبد العزيز فقال بشر: "تسأل عن غير هذه المسألة فلعله يخرج بيننا شيء يسمع فقلت نعم أنا أدع هذه المسألة وأسأل عن غيرها (٣٥/ب) " فقال: "سل يا عبد العزيز."
قال عبد العزيز فقلت لبشر:"تقول إن الله كان ولا شيء، وكان ولما يفعل شيئا ولما يخلق شيئا". قال:"بلى". فقلت له:"بأي شيء حدثت الأشياء بعد إذ لم تكن شيئا أهي أحدثت أنفسها أم الله أحدثها"؟ قال:"الله أحدثها". فقلت له:"فبأي شيء أحدثها"؟ قال:"أحدثها بقدرته التي لم تزل". قلت له: "صدقت أحدثها