للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ياربِّ أسويٌّ أو غيرُ سويٍّ؟ فيجعله الله سويّاً أو غيرَ سويٍّ. ثم يقول: يا ربِّ ما رزقه؟ ما أجله؟ ما خُلُقُه؟ ثم يجعله شقيّاً أو سعيداً" رواه مسلم (١)

في هذا الحديث الشريف عدة أمور علمية دقيقة، لم تُعرف إلا في هذا العصر، أقتصر على ذكر بعضها.

أولاً - قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يتصوَّر عليها الملَك" التصوُّر: هو النزول من الأعلى، يقال: تصوَّر الدار، وتسوَّر الجدار، أي نزل من أعلاه (٢) .

إن البويضةَ بعد تلقيحها في الثلث الأعلى من القناة الرحمية (فالوب) تنتقل منها إلى أعلى الرحم، فتغرس الخلايا المغذيةُ المحيطةُ بها استطالاتِها في مخاطية الرحم، وهي مرحلة العلوق، ثم تبدأ هذه الخلية بالانقسام والتخلق، فتصير علقة، ثم مضغة، ثم يتكوّن الغشاء المشيمي، الذي يتكون من ثلاث طبقات (٣) فإذا أضيف إلى هذه الأغشية جدارُ المشيمة وجدارُ الرحم: صارت بمنزلة الجدر المحيطة بالنطفة، والأسوار القوية المنيعة الحامية لها بإذن الله تعالى، التي تمنع من وصول أي شيء إلى النطفة.

يضاف إلى ذلك أيضاً: أن الغدةَ النخاميةَ بإصدارها الأوامر لحدوث:

أ - ما يحيط بالنطفة من الأغشية السابقة التي تمنع وصول أي شيء إليها، وتكون جدرانها قوية صلبة.

ب - ما يحيط بالنطفة من دماء سميكة وسوائل تمنع وصول أي حيوان أو غيره إليها أيضاً.


(١) صحيح مسلم: في الكتاب والباب السابقين، رقم (٤) .
(٢) الذي تفيده كتب اللغة أن التصوّر بمعنى السقوط، من قولهم: ضربته ضربة فتصوّر منها، أي: سقط. انظر النهاية لابن الأثير: ٣/٦٠، والقاموس، والتاج (صور) .
(٣) انظر: الوجيز في علم الأجنة وخلق الإنسان (٢٠١ ـ وما بعد) وعامة كتب الأجنة.

<<  <   >  >>