{وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} لأنهم لم يكونوا يعتقدون أن آلهتهم تدير شيئاً من دون الله وإنما يستجلبون النفع ويستدفعون الضر بجعلها وسائط بينهم وبين الله الذي بيده الضر والنفع ولهذا يخلصون لله الدعاء في الشدائد باعتقادهم أن آلهتهم لا تغني عنهم شيئاً من دون الله، وأنها لا تضر ولا تنفع وقد لَبَّسَ الشيطانُ على كثير من الناس خاصةً ممن ينتسب إلى طلب العلم بأن السكوت عن الكلام في هذا الباب هو الدين والورع فتولَّد من ذلك الإعراض عن الاعتناء بهذا الأمر الذي هو أصل الدين حتى صار جاهلاً به ثم آل الأمر ببعض هؤلاء إلى استحسان الشرك والنفرة من ذكر التوحيد ولم يدر هذا المتورع الورع الشيطاني أن أفرض العلوم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته ومعرفة حقه على عباده الذي خلق الجن والإنس لأجله وهو توحيد الألوهية الذي أرسل به جميع الرسل وأنزل به جميع الكتب قال سبحانه:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: ١٩] ، وقال:{فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}[هود: ١٤] أي واعلموا أن لا إله إلا هو وقال: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[إبراهيم: ٥٢] فبين سبحانه أن من الحكمة في إنزال القرآن ليعلم الناس بما فيه من الحجج والبراهين أنه هو المستحق للألوهية وحده ففرض على عباده العلم لأنه الإله وحده وأخبر أنه ضمن كتابه من الأدلة والبراهين ما يدل على ذلك فتعيَّن على كل مكلف معرفة لا إله إلا الله الذي هو أصل الأصول وأوجب العلوم.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله