الثامن: أن الحد إذا كان هو قول الحاد فمعلوم أن تصور المعاني لا يفتقر إلى الألفاظ فان المتكلم قد يتصور معنى ما يقوله بدون لفظ والمستمع قد يمكنه تصور تلك المعاني من غير مخاطب بالكلية فكيف يمكن أن يقال لا تتصور المفردات إلا بالحد الذي هو قول الحاد.
التاسع: أن الموجودات المتصورة أما أن يتصورها الإنسان بحواسه الظاهرة كالطعم واللون والريح والأجسام التي تحمل هذه الصفات وأما أن يتصورها بمشاعره الباطنة كما تتصور الأمور الحسية الباطنة الوجدية مثل الجوع والشبع والحب والبغض والفرح والحزن واللذة والألم والإرادة والكراهية والعلم والجهل وأمثال ذلك وكل من الأمرين قد يتصوره معينا وقد يتصوره مطلقا أو عاما وهذه التصورات جميعها غنية عن الحد ولا يمكنه تصور شيء بدون مشاعره الظاهرة والباطنة وما غاب عنه يعرفه بالقياس والاعتبار بما شاهده.
العاشر: أنهم يقولون أن للمعترض أن يطعن على حد الحاد ب النقض والمعارضة.
والنقض أما في الطرد وأما في العكس أما الطرد فهو أنه حيث وجد الحد وجد المحدود فيكون الحد مانعا فإذا بين وجود الحد ولا محدود لم يكن مطردا ولا مانعا بل دخل فيه غيره كما لو قال في حد الإنسان أنه الحيوان وأما العكس وهو أن يكون حيث انتفى الحد انتفى المحدود لكون الحد جامعا وإذا لم يكن جامعا انتفى الحد مع بقاء بعض المحدود كما لو قال في حد الإنسان أنه العربي فلا يكون الحد منعكسا ولو استعمل لفظ الطرد في موضع العكس لكان سائغا والمقصود أنه لا بد من اتفاق الحد والمحدود في العموم والخصوص فلا بد أن يكون مطابقا للمحدود لا يدخل فيه ما ليس من المحدود ولا يخرج منه ما هو من المحدود فمتى كان أحدهما اعم كان باطلا بالاتفاق وسمى ذلك نقضا