للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصالحين فانه يتصل بذلك المعظم المستشفع به فإذا فاض على ذلك ما يفيض من جهة الرب فاض على هذا المستشفع من جهة شفيعة.

ويمثلونه بالشمس إذا طلعت على مرآة فانعكس الشعاع الذي على المرآة على موضع آخر فأشرق بذلك الشعاع فذلك الشعاع حصل له بمقابلة المرآة وحصل للمرآة بمقابلة الشمس.

فهذا الداعي المستشفع إذا توجه إلى شفيعه أشرق عليه من جهته مقصود الشفاعة وذلك الشفيع يشرق عليه من جهة الحق.

ولهذا يرى هؤلاء دعاء الموتى عند القبور وغير القبور ويتوجهون إليهم ويستعينون بهم ويقولون أن أرواحنا إذا توجهت إلى روح المقبور في القبور اتصلت به ففاضت عليها المقاصد من جهته.

وكثير منهم ومن غيرهم من الجهال يرون الصلاة والدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين من أهل البيت وغيرهم أفضل من الصلوات الخمس والدعاء في المساجد وأفضل من حج البيت العتيق.

ومعلوم أن كفر هؤلاء بما يقولونه في الشفعاء أعظم من كفر مشركي العرب بما قالوه فيهم لأن كلتي الطائفتين عبدوا من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم وقالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله لكن العرب اقروا بأن الله عالم بهم قادر عليهم يخلق بمشيئته وقدرته وقالوا أن هؤلاء ينفعونا بدعائهم لنا.

وأما مشركوا الفلاسفة كما ذكره ابن سينا ومن اتبعه فيقولون أن من يستشفع به لا يدعو الله لنا بشئ والله لا يعلم دعاءنا ولا دعاءه ولا يسمع نداءنا ولا نداءه بل ولا يعرف بنا ولا نراه ولا يعرف به فانا نحن من الجزئيات والله لا يعلم الجزئيات عندهم ولا يقدر على تغيير شيء من العالم ولا يفعل بمشيئته

<<  <   >  >>