علومه وصنف في ذلك محك النظر ومعيار العلم ودواما اشتدت به ثقته وأعجب من ذلك أنه وضع كتابا سماه القسطاس المستقيم ونسبه إلى أنه تعليم الأنبياء وإنما تعلمه من ابن سينا وهو تعلمه من كتب أرسطو وهؤلاء الذين تكلموا في الحدود بعد أبى حامد هم الذين تكلموا في الحدود بطريقة أهل المنطق اليوناني.
وأما سائر طوائف النظار من جميع الطوائف المعتزلة والأشعرية والكرامية والشيعة وغيرهم ممن صنف في هذا الشأن من اتباع الأئمة الأربعة وغيرهم فعندهم إنما تفيد الحدود التمييز بين المحدود وغيره بل أكثرهم لا يسوغون الحد إلا بما يميز المحدود عن غيره ولا يجوز أن يذكر في الحد ما يعم المحدود وغيره سواء سمي جنسا أو عرضا عاما وإنما يحدون بما يلازم المحدود طردا وعكسا ولا فرق عندهم بين ما يسمى فصلا وخاصة ونحو ذلك مما يتميز به المحدود من غيره.
وهذا مشهور في كتب أهل النظر في مواضع يطول وصفها من كتب المتكلمين من أهل الإثبات وغيرهم كأبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر إسحاق وأبي بكر بن فورك والقاضي أبي يعلى وابن عقيل وأبي المعالي الجويني وأبي الميمون النسفي الحنفي وغيرهم وقبلهم أبو علي وأبو هاشم وعبد الجبار وأمثالهم من شيوخ المعتزلة وكذلك ابن النوبخت والموسى والطوسي وغيرهم من شيوخ الشيعة وكذلك محمد بن الهيصم وغيره من شيوخ الكرامية فإنهم إذا تكلموا في الحد قالوا أن حد الشىء وحقيقته خاصته التي تميزه