والتعظيم له إنما نشأ من اعتقاد أنه رب العالمين وانه واجب الوجود ونحو ذلك من الصفات التي تظهر كمالها وأما من هذه الجهة النافية السلبية فما من وجود إلا وهو أكمل منه وإذا كانوا قد جمعوا بين وصفه بذلك الكمال وهذا النقصان الذي يكون كل موجود أكمل منه دل على تناقضهم وفساد قولهم وكان ما قالوه من الحق حقا وما قالوه من الباطل باطلا وهذه المسائل الإلهية مبسوطة في موضعها.
رد القول بأن قياس التمثيل لا يفيد إلا الظن:
والمقصود هنا الكلام على المنطق وما ذكروه من البرهان وأنهم يعظمون قياس الشمول ويستخفون ب قياس التمثيل ويزعمون أنه إنما يفيد الظن وان العلم لا يحصل إلا بذلك وليس الأمر كذلك بل هما في الحقيقة من جنس واحد وقياس التمثيل الصحيح أولى بإفادة المطلوب علما كان أو ظنا من مجرد قياس الشمول ولهذا كان سائر العقلاء يستدلون ب قياس التمثيل أكثر مما يستدلون ب قياس الشمول بل لا يصح قياس الشمول في الأمر العام إلا بتوسط قياس التمثيل وكل ما يحتج به على صحة قياس الشمول في بعض الصور فانه يحتج به على صحة قياس التمثيل في تلك الصورة ومثلنا هذا بقولهم الواحد لا يصدر عنه إلا واحد فانه من أشهر أقوالهم الإلهية الفاسدة.
وأما الأقوال الصحيحة فهذا أيضا ظاهر فيها فان قياس الشمولي لا بد فيه من قضية كلية موجبة ولا نتاج عن سالبتين ولا عن جزئيتين باتفاقهم والكلي لا يكون كليا إلا في الذهن فإذا عرف تحقق بعض أفراده في الخارج كان ذلك مما يعين على العلم بكونه كليا موجبا فانه إذا أحس الإنسان ببعض الأفراد الخارجية انتزع منه وصفا كليا لا سيما إذا كثرت أفراده فالعلم بثبوت الوصف المشترك لأصل في الخارج هو أصل العلم بالقضية الكلية وحينئذ ف القياس التمثيلي أصل