للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السبب وتطول في الشتاء حصة الفجر بهذا السبب وفي الصيف تقصر حصة الفجر لتأخر ظهور الشعاع إذ لا بخار يرده لأن الرطوبات في الصيف قليلة وتقصر حصة العشاء في نهار الشتاء لكثرة الأبخرة في الشتاء فحاصلة أن كلا من الحصتين تتبع ما قبلها في الطول والقصر بسبب البخار لا بسبب فلكي.

والذين ظنوا أن ذلك يكون عن حركة الفلك قدروه بذلك فغلطوا في تقديرهم وصاروا يقولون حصة الفجر في الشتاء اقصر منها في الصيف وحصة العشاء في الصيف اقصر منها في الشتاء فان هذه جزء من الليل وهذه جزء من النهار فتتبعه في قدره ولم يعرفوا الفرق بين طلوع الشمس وغروبها وبين طلوع شعاعها فان الشمس تتحرك في الفلك فحركتها تابعة للفلك والشعاع هو بحسب ما يحمله وينعكس عليه من الهواء الأبخرة وهذا أمر له سبب ارضي ليس مثل حركة الفلك.

ولهذا كان ما قالوه بالقياس الفاسد أمرا يخالقه الحس ويعرف كذب ما قالوه باتفاق طوائف بني ادم فالذي يعرف بالحس والعقل الصريح لا يخالفه شرع ولا عقل ولا حس فان الأدلة الصادقة لا تتعارض مدلولاتها ولكن ما يقال بقياس فاسد وظن فاسد يقع فيه الاختلاف.

كون عدد الأفلاك تسعة ليس عليه دليل:

وعدد الأفلاك وكونها تسعة ليس أمرا معلوما ولا قام دليل على أنه ليس وراء التسعة شيء بل صرح أئمتهم بأنه يجوز أن تكون أشياء أخر وهذه التسعة إنما أثبتوها بما راوه من اختلاف حركات الكواكب وكذلك اثبتوا لكل كوكب من الخمسة المتحيزة عددا من الأفلاك بسبب اختلاف حركاته وعرفوا ارتفاع بعضها فوق بعض بكسوف الأسفل للأعلى وبينهم اختلاف كثير يطول وصفه في الأمور الفلكية التي لا تعرف بالحس وكثير مما يقولونه في ذلك لا يقوم عليه دليل.

ولهذا لما أخبرت الأنبياء بعرش الرب وكرسيه ظن بعضهم أن الكرسي هو الفلك الثامن والعرش هو الفلك التاسع وهذا القول مع أنه لا دليل عليه أصلا فهو

<<  <   >  >>