فإن منشأ النزاع أن الثوابت كان المعروف عندهم أنها تقطع الفلك كل مائة سنة درجة من درجات الفلك التي هي ثلثمائة وستون درجة فلما رصدوها زمن المأمون زعموا أن الصحيح أنها تقطعها في ثلثي هذه المدة كل سنة وستين سنة وثلثي سنة والصواب أن الرصد الأول هو الصحيح وقد اعتبر ذلك بمواضع الكواكب التي ذكرها غير واحد من القدماء في كتبهم واصطرلاباتهم ومواضعها الآن تدل على اعتبار ذلك على أن الرصد القديم هو الصحيح وأنها تقطع الدرجة في مائة سنة.
وإذا ضرب ذلك في ثلثمائة وستين كان على القول الأول ستة وثلاثين ألفا وعلى القول الثاني أربعة وعشرين ألفا ومن قال ثلثمائة ألف وستون ألفا قال هذا دور في عشرة ادوار ومن قال اثنا عشر ألف سنة جعل لكل برج ألف سنة وليس معهم دليل يدل على أن هذه المدة هي مدة بقاء الفلك.
والأصل الذي بنوا عليه فاسد وهو ظنهم أن الحوادث جميعها سببها حركات الفلك.
تقابلهم لمنكري تأثير حركات الفلك في الحوادث مطلقا:
وهذا الأصل قد تقابلوا فيه هم والمبتدعة من أهل الكلام فأولئك يقولون ليس لشيء من حركات الفلك تأثير في هذا العالم ولا شيء منها سبب في حدوث شيء