أجهل الناس بالعقليات والشرعيات وأكثر ما عندهم من العقليات أمور قلدوا من قالها لو سئلوا عن دليل عقلي يدل عليها لعجزوا عن بيانه والجواب عما يعارضه ثم من العجائب أنهم يتركون اتباع الرسل المعصومين الذين لا يقولون إلا الحق ويعرضون عن تقليدهم ثم يقلدون في مخالفة ما جاءوا به من يعلمون هم أنه ليس بمعصوم وانه قد يخطىء تارة ويصيب أخرى.
وهؤلاء عندهم أمور معلومة من الحسابيات مثل وقت الكسوف والخسوف ومثل كرية الأفلاك ووجود السحاب من البخاري ونحو ذلك من الأمور الطبيعية والرياضية فيحتجون بها على من يظن أنه من أهل الشرع فيسرع ذلك المنتسب إلى الشرع برد ما يقولونه بجهله فيكون رد ما قالوه من الحق سببا لتنفيرهم عما جاء به الرسول من الحق بسبب مناظرة هذا الجاهل.
والله تعالى أمرنا أن لا نكذب ولا نكذب بحق وإنما مدح سبحانه من يصدق فيتكلم بعلم ويصدق ما يقال له من الحق قال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ} : {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وهاتان صفتان لنوع واحد وهو من يجيء بالصدق ويصدق بالحق إذا جاءه فهذا هو المحمود عند الله وأما من كذب أو كذب بما جاءه من الحق فذلك مذموم عند الله تعالى.
وكذلك قال تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي لا تقل ما ليس لك به علم {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} .