للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلما دخل معهم المتفلسفة كابن سينا وأمثاله تبين لهم أن ما يدعونه على الرسول من التأويلات مما يعلم بطلان كثير منها بالضرورة والفيلسوف من حيث هو فيلسوف ليس له غرض فيما يعلم أنه باطل فسلكوا مسلكا بين مسلك هؤلاء الملاحدة وبين دين المسلمين فالشرائع الظاهرة أقروها ولم يتأولوها لكن قد يقولون أن بعضها يسقط عن الخاصة ودخل معهم في هذا طائفة من متصوفة الفلاسفة كابن عربي وابن سبعين وغيرهما وأما العلميات فتأولوا بعضها كاللوح قالوا هو النفس الكلية والقلم هو العقل الفعال وربما قالوا عن الكوكب والشمس والقمر التي رآها إبراهيم أنها النفس والعقل الفعال والعقل الأول وتأولوا الملائكة ونحو ذلك.

وأما صفات الرب ومعاد الأبدان وغير ذلك فمذهب محققيهم كابن سينا وأمثاله أنها لا تتأول وأن ما دلت عليه ليس ثابتا في نفس الأمر ولا يستفاد منها علم قالوا بل المراد منها خطاب الجمهور بما يخيل إليهم ما يعتقدونه في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر لينتفعوا بذلك الاعتقاد وإن كان باطلا لا حقيقة له في نفس الأمر فان هذا غايته أن الأنبياء كذبوا لمصلحة الجمهور وهم يرون مثل ذلك من تمام حكمتهم وهم يعظمون شرائع الأنبياء العملية وأما العلمية فعندهم العلم في ذلك بما يقوله الفلاسفة وأما الأنبياء فلا يستفاد من جهتهم علم بذلك.

ثم منهم من يقول النبي أعظم من الفيلسوف فيقولون النبي كان في الباطن على مذهب هؤلاء الفلاسفة لكن خاصته التخييل وإن كان كذبا في الحقيقة لمصلحة الجمهور ومنهم من يقول بل الفيلسوف أعظم من النبي، والنبي قد لا يكون عارفا في الباطن بما يجوز على الله وما لا يجوز وحقيقة الأمر في المعاد لكن هو حاذق في وضع الشرائع العملية.

وكثير من ملاحدة المتصوفة كابن عربي وابن سبعين والقونوي

<<  <   >  >>