"البحث النظري الجاري في الطلب أما أن يتجه إلى تصور أو إلى تصديق فالموصل إلى التصور يسمى قولا شارحا فمنه حد ومنه رسم والموصل إلى التصديق يسمى حجة فمنه قياس ومنه استقراء وغيره".
قال الغزالي:"مضمون هذا الكتاب تعريف مبادئ القول الشارح لما أريد تصوره حدا كان أو رسما وتعريف مبادئ الحجة الموصلة إلى التصديق قياسا كان أو غيره مع التنبيه على شروط صحتها ومثار الغلط فيها".
قال:"فان قلت: كيف يجهل الإنسان العلم التصوري حتى يفتقر إلى الحد؟ قلنا: بان يسمع الإنسان اسما لا يعرف معناه كمن قال ما الخلاء؟ وما الملاء؟ وما الشيطان؟ وما العقار؟ فيقال: العقار الخمر فان لم يعرفه باسمه المعروف يفهمه بحده فيقال الخمر هو شراب مسكر معتصر من العنب فيحصل له علم تصوري بذات الخمر".
قلت: فقد بين أن فائدة الحدود من جنس فائدة الأسماء وان ذلك كمن سمع اسما لا يعرف معناه فيذكر له اسم فان لم يتصوره وإلا ذكر له الحد.
وهذا مما يعترف به حذاقهم حتى بين معلمهم الثاني أبو نصر الفارابي وهو أعظم الفلاسفة كلاما في المنطق وتفاريعه من برهانه.
ومعلوم أن الاسم لا يفيد بنفسه تصوير المسمى وإنما يفيد التمييز بينه وبين غيره وأما تصور المسمى فتارة يتصوره الإنسان بذاته بحسه الباطن أو الظاهر وتارة يتصوره بتصور نظيره وهو ابعد فمن عرف عين