فالحد يفيد الدلالة عليه لا تعريف عينه بمنزلة من يقال له فلان في هذه الدار يدل عليه قبل أن يراه وهو قد يصور المشترك بينه وبين غيره بدون هذه الدلالة.
ومن تدبر هذا تبين له أن الحدود المصورة للمحدود لمن لا يعرفه إنما هي مؤلفة من الصفات المشتركة لا يدخل فيها وصف مختص به إذ المختص وإن كان لا بد منه في الحد المميز فهو لم يتصوره وأنها لا تفيد تعريف عينه فضلا عن تصوير ما يتنبه له وإنما يفيد تعريفه بطريق التمثيل المقارب إذ لو عرف المثل المطابق لعرف حقيقة.
ثم قد يكون المخصص صفة واحدة وقد يكون الاختصاص بمجموع الصفتين.
ولو عرف المستمع الوصف الذي يخصه كان قد تصوره بعينه فيكون هو من القسم الأول الذي يترجم له اللفظ فقط.
مثال ذلك أنه إذا سمع لفظ الخمر وهو لا يعرف اللفظ ولا مسماه فيقال له هو الشراب المسكر ولفظ الشراب جنس ل الخمر يدخل فيه الخمر وغيرها من الأشربة وهذا واضح وكذلك لفظ المسكر الذي يظن أنه فصل مختص ب الخمر وهو في الحقيقة جنس فيه يشترك الشراب وغيره فان لفظ المسكر ومعناه لا يختص ب الشراب بل قد يكون ب طعام وقد يحصل السكر بغير طعام وشراب فحينئذ فلا فرق بين أن يقول هو المسكر من الأشربة أو ما اجتمع فيه الشرب والسكر أو يقول الشراب المسكر إنما هو كما يقول ثوب خز وباب حديد ورجل طويل أو قصير فان الرجل أعم من الطويل والطويل اعم من الرجل ولكن باجتماع هذين يتميز.
وكذلك قولهم في حد الإنسان هو الحيوان الناطق فلما نقضوا عليهم ب الملك زاد المتآخرون المائت وهي زيادة فاسدة فان كونه مائتا ليس بوصف ذاتي له إذ يمكن تصور الإنسان مع عدم خطور موته بالبال بل ولا