للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والمقصود أنه من تصور المحدود بنفسه فلا بد أن يتصور ما يختصه ويميزه عن غيره وهذا لا يحتاج في تصوره إلى حد ولكن يترجم له الاسم الدال عليه ويميز له المسمى عن غيره لكن الحد يكون منبها له على الحقيقة كما ينبهه الاسم إذا كان عارفا بمسماه.

وأما من لم يكن متصورا له فلا يمكن أن يذكر له صفة واحدة تختص بالمحدود فلا يمكن تعريفه إياه لا ب فصل ولا خاصة سواء ذكر الجنس والعرض العام أو لم يذكر لأن الصفة التي تختص المحدود لا تتصور بدون تصور المحدود إذ لا وجود لها بدونه والعقل إنما يجرد الكليات إذا تصور بعض جزئياتها فمن لم يتصور الشيء الموجود كيف يتصور جنسه ونوعه.

ولكن يتصور ب التثميل والتشبيه ويتصور القدر المشترك بين تلك الصفة الخاصة وبين نظيرها من الصفات والقدر المشترك ليس هو فصلا ولا خاصة ولكن قد ينتظم من قدر مشترك وقدر مشترك ما يخص المحدود كما في قولك شراب مسكر.

وعلى هذا فإذا قيل في الفرس أنه حيوان صاهل وفي الحمار أنه حيوان ناهق وفي البعير أنه حيوان راغ وفي الثور أنه حيوان خائر وفي الشاة أنها حيوان ثاغ وفي الظبي أنه حيوان باغم وأمثال ذلك فهذه الأصوات مختصة بهذه الأنواع لكن لا تفيد تعريف هذه الحيوانات لمن لم يكن عارفا بها فمن لم يعرف الفرس لا يعرف الصهيل ومن لم يعرف الحمار لا يعرف النهيق أعنى لا يعرف معناه وإن سمع اللفظ فإذا أريد تعريف النهيق قيل له هو صوت الحمار فيلزم الدور إذ يكون قد عرف الحمار ب النهيق والنهيق ب الحمار.

وهكذا سائر الخواص المميزة للمحدود لا يعرف بها المحدود لمن لم يكن عرفه.

فتبين أن تعريف الشيء إنما هو بتعريف عينه أو بذكر ما يشبهه فمن عرف عين

<<  <   >  >>