للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أمكن الآخر أن يعارضه ويقول بل العدد ذاتي ل الزوج والفرد واللون ذاتي ل السواد بخلاف الحيوان فليس ذاتيا ل الإنسان إذ مضمون هذا كله أن يأتي شخص إلى صفات متماثلة في الخارج فيدعى أن الماهية التي يخترعها في نفسه هي هذه الصفة دون هذه فأنه أن جعل هذا مطابقا للأمر في نفسه وهو قولهم كان مبطلا وإن قال هذا اصطلاح اصطلحته قوبل باصطلاح آخر وكان هذا مما لا فائدة فيه.

فان قيل فهم يردون بذلك ما ذكره ابن سينا وغيره من أن كون العدد زوجا وفردا ليس وصفا بينا لكل عدد بل تارة يعلم ثبوته ل العدد بلا وسط كما يعلم أن الاثنين نصف الأربعة وتارة لا يعلم ثبوته إلا بوسط به يعلم أن هذا نصف هذا كما يعلم أن ألفا وثلاثمائة واثنين وسبعين لها نصف بخلاف الحيوانية ل الحيوان فإنها بينة بلا وسط إذ كل حيوان أنه حيوان.

قيل هذا باطل من وجهين:

أحدهما: أن هذا أمر يرجع إلى علم الإنسان بأن هذه الصفة ثابتة للموصوف بلا وسط وإلى أن علمه بأن هذه الصفة ثابتة لا بد له من وسط وليس هذا فرقا يعود إلى الموجودات في نفسها فان كون هذا العدد زوجا أو فردا هو مثل كون هذا العدد زوجا أو فردا سواء علم الإنسان بذلك أو لم يعلم وإذا كان علمه بأحدهما يحتاج إلى دليل دون الآخر لم يوجب ذلك الفرق بينهما في نفس الأمر ولكن هذا مما يبين حقيقة قولهم الذي بيناه في غير هذا الموضع وهو أن الماهية عندهم عبارة عما دل عليه اللفظ ب المطابقة وجزؤها الداخل فيها ما دل عليه اللفظ ب التضمن واللازم الخارج عنها ما دل عليه ب الالتزام فترجع الماهية وجزؤها الداخل واللازم الخارج إلى مدلول المطابقة والتضمن والالتزام وهذا أمر يتبع قصد المتكلم وغايته وما دل عليه بلفظه لا يتبع الحقائق الموجودة في نفسها فان تصور المتكلم قد يكون مطابقا وقد يكون

<<  <   >  >>