كانت الأولى أكمل من الثانية. فعدم هذه الأفعال نقص بالضرورة، وأما وجودها بحسب الإمكان فهو الكمال.
ويقال خامسًا: لا نُسَلِّم أن عدم هذه مطلقًا نقص ولا كمال، ولا وجودها مطلقًا نقص ولا كمال، بل وجودها في الوقت الذي اقتضته مشيئته وقدرته وحكمته هو الكمال، ووجودها بدون ذلك نقص، وعدمها مع اقتضاء الحكمة عدمها كمال، ووجودها حيث اقتضت الحكمة وجودها هو الكمال.
وإذا كان الشىء الواحد يكون وجوده تارة كمالاً وتارة نقصًا، وكذلك عدمه، بطل التقسيم المطلق، وهذا كما أن الشىء يكون رحمة بالخلق إذا احتاجوا إليه كالمطر، ويكون عذابًا إذا ضرهم، فيكون إنزاله لحاجتهم رحمة وإحسانًا، والمحسن الرحيم متصف بالكمال، ولا يكون عدم إنزاله حيث يضرهم، نقصًا، بل هو أيضًا رحمة وإحسان، فهو محسن بالوجود حين كان رحمة، وبالعدم حين كان العدم رحمة.