والمتفلسفة القائلون: بأنه علة غائبة شر منهم، فإنهم لا يجعلونه خالقًا لشىء من حوادث العالم لا لحركات الأفلاك ولا غيرها من المتحركات ولا خالقًا لما يحدث بسبب ذلك، ولا قادرًا على شىء من ذلك، ولا عالمًا بتفاصيل ذلك، والله سبحانه وتعالى يقول:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلمًا}[الطلاق: ١٢] ، وهؤلاء ينظرون في العالم ولا يعلمون أن الله على كل شىء قدير، ولا أن الله قد أحاط بكل شىء علما.
ومنها: أنا إذا قدرنا مالكين؛ أحدهما: يريد شيئًا فلا يكون ويكون مالا يريد، والآخر: لا يريد شيئًا إلا كان ولا يكون إلا ما يريد، علمنا بالضرورة أن هذا أكمل.
وفي الجملة، قول المثبتة للقدرة يتضمن: أنه خالق كل شىء، وربه ومليكه، وأنه على كل شىء قدير، وأنه ما شاء كان، فيقتضي كمال خلقه وقدرته ومشيئته، ونفاة القدر يسلبونه هذه الكمالات.
وأما قوله: إن التعذيب على المقدر ظلم منه. فهذه دعوى مجردة، ليس معهم فيها إلا قياس الرب على أنفسهم، ولا يقول عاقل: إن كل ما كان نقصًا من أي موجود كان، لزم أن يكون نقصًا من الله، بل ولا يقبح هذا من الإنسان مطلقًا، بل إذا كان له مصلحة في تعذيب بعض الحيوان، وأن يفعل به ما فيه تعذيب له حسن ذلك منه؛ كالذي يصنع القَزَّ،