وتبرز قيمة هذا الموضوع الذي نحن بصدده من قيمة الكتاب مناط البحث، ومن مكانة مؤلفه العلمية؛ فقد استخرج الهيثمي -رحمه الله تعالى- كتابه هذا من عدد من كتب الحديث المتقدمة، في محاولة لحصر - أو تمييز - الأحاديث الزائدة عن ما في الكتب الستة في مؤلف مستقل؛ ولهذا فإذا ضممنا ما لدينا في هذا الكتاب من أحاديث السيرة النبوية إلى ما في الكتب الستة من أحاديث تتعلق بها، يصبح بين أيدينا مادة كبيرة جداً من الأحاديث، هي التي يتألف منها بناء الهيكل العام للسيرة النبوية.
والهيثمي رحمه الله تعالى هو: أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر، أحد أعلام الحديث في القرن الثامن الهجري (ت ٨٠٧) ، وكان كتابه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) ثمرة جهود متواصلة من التأليف في فن الزوائد لعدد من الكتب، سَبَكَها كلها في إطار واحد تحت مسمى هذا الكتاب بعد تهذيب وترتيب علمي سديد؛ ولذلك فقد جاء من أنفس الكتب في بابه، وأجمعها، وأوعبها، وكل كتب الزوائد من بعده استفادت منه، لكنها لم تبلغ شأوه ولا شهرته. وهذا الكتاب مرتب على كتبٍ وأبوابٍ تحتها، يخصُّ جانبَ السيرة منها كتابان؛ هما: كتاب المغازي والسير، وكتاب علامات النبوة. وقد استعرضتُ ما فيهما من أبواب، ثم أوضحت منهج المؤلف من خلالهما في تدوين السيرة النبوية، وأوردت نماذج من نصوص الأحاديث والمرويات فيهما، تشير إلى أبرز ملامح ذلك المنهج. وكنت قد كتبت في أول البحث ترجمة عامة عن المؤلف؛ عرجت فيها على نشأته، ورحلاته، وأبرز شيوخه، ومكانته العلمية، وأبرز تلامذته، ومصنفاته، ثم وقفت عند الكتاب موضوع الدراسة للتعريف به، وبيان قيمته العلمية، ومنهجه فيه، وأوردت ملخصاً لما توصلت إليه من أقوال أهل العلم فيما يوضح معالم منهج الهيثمي في نقد