للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا وقد تناول الشيخ ابن سعدي هذا النوع من العبادة بالبيان والإيضاح.

فقال رحمه الله في بيان إخلاص هذا النوع من العبادة لله وحده عند تفسيره لقوله تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُون} ١.

قال: "أي فلا تخافوا المشركين أولياء الشيطان، فإن نواصيهم بيد الله، لا يتصرفون إلا بقدره.

بل خافوا الله الذي ينصر أولياءه الخائفين إياه المستجيبين لدعوته وفي هذه الآية وجوب الخوف من الله وحده، وأنه من لوازم الإيمان، فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفه من الله، والخوف المحمود ما حجز العبد عن محارم الله"٢.

وقال في بيان أهمية الخوف: "فالخوف يمنع العبد عن محارم الله وتشاركه الخشية في ذلك...."٣. وقال: "فإن خشية الله جالبة لكل خير مانعة من كل شر"٤.

تقسيمه للخوف:

يقسم ابن سعدي الخوف إلى أربعة أقسام:

(١) خوف تأله لله، وتعلقه بالله من أعظم الواجبات.

(٢) خوف تأله لغير الله وهذا شرك أكبر.

(٣) خوف طبيعي كالخوف من الأسد والحية والنار وغير ذلك.

(٤) خوف وهمي كالخوف الذي ليس له سبب أصلاً وهذا مذموم يدخل صاحبه في وصف الجبناء.

قال رحمه الله في بيان هذه الأقسام:

"اعلم أن الخوف والخشية تارة يقع عبادة وتارة يقع طبيعة وعادة، وذلك بحسب أسبابه ومتعلقاته.

فإن كان الخوف والخشية خوف تأله وتعبد وتقرب بذلك الخوف إلى من يخافه، وكان يدعو إلى طاعة باطنة وخوف سري يزجر عن معصية من يخافه كان تعلقه بالله من أعظم واجبات الإيمان.

وتعلقه بغير الله من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ لأنه أشرك في هذه العبادة


١ سورة آل عمران/ الآية ١٧٥.
٢ التفسير ١/٤٥٧، وانظر القول السديد /١١٤.
٣ الخلاصة /٢٠١.
٤ التفسير ٦/٢٢٥.

<<  <   >  >>