للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كلامه في الفرق بين الكفر والشرك:

ذكر الشيخ ابن سعدي فارقاً بين الكفر والشرك وهو أن الكفر أشمل من الشرك بحيث أنه كل شرك كفر وليس كل كفر شركاً.

ومثال ذلك الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم أو القرآن كفر وليس شركاً.

قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ١.

فهذا العمل كفر وليس بشرك، أما الأمور الشركية كعبادة غير الله من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم ودعائهم من دون الله، وطلب الحوائج منهم، وغير ذلك من الشركيات، فإنها كلها كفرية.

قال ابن سعدي في بيان هذا الفارق بين الكفر والشرك: "الكفر أعم من الشرك فمن جحد ما جاء به الرسول أو جحد بعضه بلا تأويل فهو كافر من أي دين يكون سواء كان صاحبه معانداً أو جاهلاً ضالاً ... "٢.

وبين أن الكفر نوعان كفر أكبر مخرج من الدين كالتكذيب لله ورسوله، وكفر أصغر كالاقتتال بين المسلمين والنياحة والتبرؤ من النسب٣

كلامه في أنواع الشرك:

قسم ابن سعدي الشرك إلى نوعين: شرك أكبر مخرج من الملة، وشرك أصغر. وبين أن العبد لا يتم له توحيد العبادة حتى يتبرأ من الشرك بنوعيه.

فقال: "الشرك المناقض لتوحيد الألوهية نوعان:

جلي ظاهر مخرج من دائرة الإسلام وهو الشرك الأكبر، وهذا النوع لا يقبل الغفران. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ٤.

وتفسيره: أن يتخذ العبد لله نداً يحبه كمحبة الله أو يرجوه أو يخافه كخوفه من الله


١ سورة التوبة الآيتان ٦٥، ٦٦.
٢ الخلاصة /٢٠٣، وانظر الرياض الناضرة /٢٥٥.
٣ الفتاوى السعدية /١٠٣، وهو يشير في ذلك إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسسوق وقتاله كفر" أخرجه البخاري ١/١٧، ومسلم ١/٨١، وقوله: "اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب، والنياحة على الميت" أخرجه مسلم ١/٨٢.
٤ سورة النساء/ الآية ٤٨.

<<  <   >  >>