للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن سعدي بعد أن ذكر جملة من النصوص في ذلك: "وإذا ثبت أن الذبح لله من أجل العبادات وأكبر الطاعات، فالذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام"١.

ومنها الاستعاذة والاستغاثة بغير الله:

قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ٢.

وقال: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} ٣.

وقال: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ. وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} ٤.

قال ابن سعدي في بيان وجوب إخلاص هاتين العبادتين لله، وأن صرفهما لغير الله شرك "أمر الله بالاستعاذة به وحده من الشرور كلها، وبالاستغاثة به في كل شدة فهذه إخلاصها لله إيمان وتوحيد وصرفها لغير الله شرك وتنديد"٥.

كلامه في لبس الحلقة والخيط:

بين ابن سعدي أن الحكم في هذه المسألة يتوقف على معرفة الأسباب التي دعت إلى لبسها، إذ إنه باختلاف الأسباب الجائزة لا تخرج عن ثلاثة أمور:

" أحدها: أن لا يجعل منها سبباً إلا ما ثبت إنه سبب شرعاً وقدراً. ثانيها: أن لا يعتمد العبد عليها بل يعتمد على مسببها، ومقدرها مع قيامه بالمشروع منها وحرصه على النافع منها.

ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه"٦.

والذي يلبس الحلقة أو الخيط أو غيرهما لا يخرج عن أمرين إما أن يعتقد في الذي لبس أنه قادر على رفع الضر وكشف البلاء عنه، أو يعتقد أن هذا مجرد سبب وأن النافع


١ القول السديد /٥١، وانظر التفسير ٢/٥١٠.
٢ سورة الناس/ الآية ١.
٣ سورة الجن/ الآية ٦.
٤ سورة يونس/ الآيتان ١٠٦، ١٠٧.
٥ القول السديد /٥٨، وانظر التفسير ٣/٢٢٣.
٦ القول السديد /٤١، ٤٢.

<<  <   >  >>