للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالعبادة، وقد أفلح من طهر نفسه من الذنوب ونقاها من العيوب ورقاها بطاعة الله وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح"١.

دلالة الآفاق:

قال الله تعالى في هذه الدلالة العظيمة: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ٢.

إذ أن من آيات الله الدالة عليه، دلالة الآفاق وما في هذا الكون من سماء وأرض، وما اشتملت عليه السماء من نجوم وكواكب وما اشتملت عليه الأرض من جبال وأشجار وأنهار وغيرها، مما خلق الله في السموات والأرض.

فلو تأملها الإنسان وتأمل صنيعها وتتقانها لدلته وأرشدته إلى أن هناك خالقاً لهذه الأكوان وأنه عليم حكيم.

قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ. وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ٣.

قال ابن سعدي عند قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ... } : "وقد فعل تعالى فإنه أرى عباده من الآيات ما به تبين أنه الحق، ولكن الله هو الموفق للإيمان من شاء، والخاذل لمن يشاء"٤.

وقال في الرياض الناضرة: " فهذا خبره تعالى عن أمور مستقبلة: أنه يرى عباده من الآيات والبراهين في الآفاق وفي الأنفس ما يدلهم على أن القرآن حق والرسول حق وما جاء به حق ... "٥.

والمقصود أن الدلالات على تفرد الله وحده بالخلق والرزق والإحياء والإماتة كثيرة جداً.


١ التفسير ٧/٦٣٣ بتصرف.
٢ سورة فصلت/ الآية ٥٣.
٣ سورة الرعد/ الآيات ٢، ٣، ٤.
٤ التفسير ٦/٥٩١.
٥ الرياض الناضرة /١٤٤.

<<  <   >  >>