للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما هو جدير بالذكر أن ابن الجوزي رفض التعويل على هذا الحديث بقول أنه ضعيف (١) .

والذي يعيننا هنا هو تعويله على الأدلة القرآنية وهي كثيرة كما أوردناها في بداية الحديث عن الاستواء، أضف إلى هذا ان ابن عبد الوهاب رفض تأويل النصوص القرآنية كما فعل ابن الجوزي الذي أقبل على تأويل الاستواء بمعنى الاستيلاء.

ويهاجم ابن عبد الوهاب المتكلمين على موقفهم من إنكار الاستواء واعتبر الفلاسفة اعقل منهم في هذا الموقف" حتى أن أئمة المتكلمين لما ردوا على الفلاسفة تأويليهم في آيات الأمر والنهي مثل قولهم: المراد بالصيام كتمان أسرارنا والمراد بالحج زيارة مشايخنا والمراد بجبريل العقل الفعال، وغير ذلك من إفكهم. ردوا عليهم الجواب بأن هذا التفسير خلاف المعروف بالضرورة من دين الإسلام. فقال لهم الفلاسفة: أنتم جحدتم علو الله في خلقه واستوائه على عرشه، مع أنه مذكور في الكتب على ألسنة الرسل وقد أجمع المسلمون كلهم وغيرهم من أهل الملل، فكيف يكون تأويلنا تحريفا وتأويلكم صحيحاً؟ فلم يقدر أحد من المتكلمين أن يجيب عن هذا الإيراد" (٢) .

نوجز موقف ابن عبد الوهاب في مسألة الاستواء إلى:

١. إثبات جميع الصفات التي ورد به الشرع مع فهم معانيها الحقيقية دون تأويل أو تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل. بعابرة أخرى ينفي عنه مشابهة المخلوقات فيجمع بين الإثبات ونفي التشبيه وبين التنزيه وعدم التعطيل.

٢. إن استواءه على عرشه من لوازم علوه ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا في نصف الليل الثاني من لوازم رحمته وربوبيته.

٣. رفض كل زعم أو تأويل لمسألة الاستواء بمعنى الاستيلاء او القهر.


(١) رسالتنا في الماجستير ـ ابن الجوزي آراؤه الكلامية والأخلاقية ـ ص١٥٥
(٢) ابن غنام ـ تاريخ نجد ـ ص ٢٢٧

<<  <   >  >>