للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به، ويتصرف منه كما كان في الدينا.

الرابع: عدم ثبوتهما معا وهذا قول القدماء من الفلاسفة الطبيعيين.

الخامس: التوفيق في هذه الأقسام، وهو المنقول عن جالينوس فإنه قال: لم يتبين لي أن النفس هل هي المزاج فينعدم عن الموت فيستحيل إعادتها أو هي جوهر باق بعد فساد البينة فيمكن العاد حينئذ" (١) .

وذكر نفس الشيء كل من الرازي في كتابه (الأربعين في أصول الدين وسعد الدين التفتازاني" في شرح المقاصد" أن الأقوال الممكنة في مسألة المعاد لا تزيد على خمسة؛ وذلك لأن الحق إما أن يكون المعاد هو المعاد الجسماني فقط، وهو قول أكثر المتكلمين أو المعاد الروحاني فقط، وهو قول أكثر المحققين، أو الحق هو بطلانهما معا، وهو قول القدماء من الفلاسفة الطبيعيين أو الحق التوقف في كل هذه الأقسام، وهو المنقول عن جالينوس، فإنه قال لم يظهر لي أن النفس شيء غير المزاج، بتقدير أن تكون النفس هي المزاج، فعند الموت تصير النفس فانية معدومة، والمعدوم لا يمكن إعادته، أما بتقدير أن تكون النفس جوهرا باقيا بعد فساد المزاج كان العاد ممكنا، ولما لم يتبين عنده أن النفس هل هي المزاج بعينه أو شيء غيره لا جرم توقف فيه (٢) .

هكذا يعرض الرازي وسعد الدين التفتازاني الأقوال التي أمكن قولها في المعاد، ونحن إذا استبعدنا القولين الأخيرين، لأنهما ليسا من أقوال أهل السلف، ونحن نبحث آراء ابن عبد الوهاب وصلتها بأقوال المسلمين السابقين عليه، إذا استبعدنا هذين القولين بقي عندنا ثلاثة أقوال:

(١) قول أكثر المتكلمين النافين للنفس الناطقة (المجردة) وهؤلاء يقولون أن المعاد الجسماني فقط.

(٢) قول الفلاسفة الإلهين وهؤلاء يقولون أن المعاد روحاني فقط.

(٣) قول المحققين من المتكلمين كالغزالي، والعلمي من الأشاعرة، ومعمر


(١) الجرجاني ـ شرح المواقف جـ ٨ ص١٩٧
(٢) الرازي ـ الأربعين في أصول الدين ص٢٨٧ طبع الهند.

<<  <   >  >>