الْحُرَّ، وَالْعَبْدَ، وَالْأَمَةَ سَوَاءٌ، فَأَيْنَ زَهَقَ عَنْكُمْ قِيَاسُكُمْ الَّذِي خَالَفْتُمْ بِهِ الْقُرْآنَ فِي حَدِّ الْعَبْدِ الْقَاذِفِ، وَالْأَمَةِ الْقَاذِفَةِ؟ وَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ أَنْ تَسْتَسْهِلُوا مُخَالَفَةَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] قِيَاسًا عَلَى قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَعَظُمَ عِنْدَكُمْ أَنْ تُخَالِفُوا قَوْلَهُ {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ جِدًّا؟ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: ٣٨] فَكَانَ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ حُكْمِ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ ثُمَّ لَا يُبَيِّنُهُ؟ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَيَقَّنَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُنَا إيَّاهُ، وَلَا يُرِيدُهُ مِنَّا؟
قَالُوا: وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ» وَجَلَدَ فِي الْخَمْرِ حَدًّا مُؤَقَّتًا وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ الْحُكْمِ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ، وَلَا حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ - وَهُوَ الْمُبَيَّنُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فَهُوَ حَقٌّ صَحِيحٌ - إنْ لَمْ تَأْتِ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ تُبَيِّنُ صِحَّةَ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ - وَأَمَّا إنْ جَاءَتْ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ تُوجِبُ مَا قُلْنَاهُ، فَالْوَاجِبُ الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنِ لَنَا مُرَادَ رَبِّنَا تَعَالَى، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ: فَوَجَدْنَا مَا ثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا أَوْ مِيرَاثًا وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدِّمَشْقِيُّ نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ قَتَادَةُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute