للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صلاة فاقد الطهورين]

إذا لم يجد الشخص لا الماء ولا الصعيد الطيب، وهذا هو فاقد الطهورين، فليصل بدون تيمم وبدون وضوء، وهذا يؤيده العمومات الشرعية: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦] {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:٧٨] {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:١٨٥] ، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦] إلى غير ذلك من الأدلة التي رفع الله بها الحرج عن أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

واستدل بعض العلماء على جواز صلاة فاقد الطهورين بأن الصحابة لما حبسوا على غير ماء في بعض أسفارهم ولم تكن آية التيمم نزلت صلوا بغير وضوء، ولم يكن معهم دليل على أنهم يتيمموا، فصلوا بغير وضوء وبغير تيمم، فإذا نزلت آية التيمم ولم يكن عندك تراب، فالحكم كأن آية التيمم لم تنزل، وبهذا الدليل استدلوا على صحة صلاة فاقد الطهورين، واستدلوا أيضاً بأن الله رفع الحرج عن أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأدلة رفع الحرج أدلة ذات أهمية قصوى؛ لأنها تستعمل في مسائل كثيرة جداً، فمثلاً: استدل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على مسألة طواف المرأة الحائض التي تخشى فوات الرفقة في الحج، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لـ عائشة: (افعلي ما يفعل الحاج غير الأ تطوفي بالبيت) يعني: افعلي كل شيء إلا الطواف، لكن لو أن امرأة حاضت، والصحبة التي معها ستفارقها، ولا تستطيع بحال من الأحوال أن تنتظر، ماذا تصنع؟ قيل: ترجع إلى بلدها، ثم تذهب مرة أخرى لتطوف!! لكن إذا كان بلدها لا يسمح لها بالذهاب مرة ثانية، والدولة السعودية لا تسمح لها بالمجيء مرة ثانية، ثم قد تأتي المرة الثانية وتحيض أيضاً، فماذا تصنع مثل هذه؟ فـ شيخ الإسلام رحمه الله كثرت هذه المسألة في عهده، فكان أناس يأتون من المغرب أو من المشرق فتقع لنسائهم هذه النازلة، فأفتى رحمه الله بجواز طواف الحائض في هذه الحالة، واستدل بأدلة رفع الحرج.

مسألة أخرى: رجل كان جنباً فتيمم وصلى ثم وجد الماء: فهل يلزمه الإعادة؟ لا يلزمه، وعمار بن ياسر تمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة وصلى، ثم جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسأله، فعلمه كيفية التيمم الصحيحة ولم يأمره بإعادة الصلاة.

مسألة أخرى: أن الله لم يرشد إلى التيمم إلا إذا فقد الماء فقال: ((فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)) [النساء:٤٣] ، فإذا صليت الفرض بالتيمم وكنت جنباً، ثم وجدت الماء لزمك أن تغتسل، ولكن لا تعيد الصلاة.