١١٣٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقُرَشِيُّ،: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، مَوْلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْطٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سُلَيْطٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِجْرَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُ أُرَيْقِطٍ يَدُلُّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ مَرُّوا بِأُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ، وَهِيَ لَا تَعْرِفُهُ، فَقَالَ لَهَا: " يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، هَلْ عِنْدَكِ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، وَإِنَّ الْغَنَمَ لَعَازِبَةٌ قَالَ: «فَمَا هَذِهِ الشَّاةُ الَّتِي أَرَى؟» لِشَاةٍ رَآهَا فِي كِفَاءِ الْبَيْتِ، قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ قَالَ: «أَتَأْذَنِينَ فِي حِلَابِهَا؟» قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ مَا ضَرَبَهَا مِنْ فَحْلٍ قَطُّ فَشَأْنُكَ بِهَا. فَدَعَا بِهَا، فَمَسَحَ ظَهْرَهَا وَضَرْعَهَا، ثُمَّ دَعَاهَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ: فَحَلَبَ فِيهِ، فَمَلَأَهُ، فَسَقَى أَصْحَابَهُ عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ، ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ آخَرَ، فَغَادَرَهُ عِنْدَهَا، وَارْتَحَلَ فَلَمَّا جَاءَهَا زَوْجُهَا عِنْدَ الْمَسَاءِ قَالَ: يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، مَا هَذَا اللَّبَنُ، وَلَا حَلُوبَةَ فِي الْبَيْتِ، وَالْغَنَمُ عَازِبَةٌ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ، مُتَبَلِّجُ الْوَجْهَ، فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي عَيْنَيْهِ ⦗٨٣٠⦘ دَعَجٌ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، لَا تَشْنَؤُهُ مِنْ طُولٍ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ مِنْ قِصَرٍ، لم تَعْلُهُ ثُجْلَةٌ وَلَمْ تَزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ، كَأَنَّ عُنُقَهُ أَبْرِيقُ فِضَّةٍ، إِذَا صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْبَهَاءُ، وَإِذَا نَطَقَ فَعَلَيْهِ وَقَارٌ، لَهُ كَلَامٌ كَخَرَزَاتِ النَّظْمِ، أَزْيَنُ أَصْحَابِهِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ وَجْهًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَصْحَابُهُ يَحُفُّونَ بِهِ، إِذَا أَمَرَ ابْتَدَرُوا أَمَرَهُ، وَإِذَا نَهَى ايتَّقَفُوا عِنْدَ نِهَايَتِهِ قَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ صِفَةُ صَاحِبِ قُرَيْشٍ، وَلَوْ رَأَيْتُهُ لَاتَّبَعْتُهُ، وَلَأَجْهَدَنَّ أَنْ أَفْعَلَ. قَالَ: فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَّةَ أَيْنَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى سَمِعُوا هَاتِفًا عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَهُوَ يَقُولُ:
⦗٨٣١⦘[البحر الطويل]
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا وَالْجَزَاءُ بِكَفِّهِ ... رَفِيقَيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
هُمَا رَحَلَا بِالْحَقِّ وَانْتَزَلَا بِهِ ... فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
فَمَا حَمَلَتْ مِنْ نَاقَةٍ فَوْقَ رَحْلِهَا ... أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً مِنْ مُحَمَّدِ
وَأَكْسَى لِبَرْدِ الْخَالِ قَبْلَ ابْتِذَالِهِ ... وَأَعْطَى بِرَأْسِ السَّابِحِ الْمُتَجَرِّدِ
لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute