الشرط الثالث: قطع الحلقوم والمريء، والحلقوم: مجرى النفس، والمريء: مجرى الطعام، والسكين لا بد أنه يقطع بها هذا الحلقوم الغليظ الذي يدخل معه النفس وهذا المريء الذي يدخل منه الطعام، يقطعه بالسكين ونحوها.
قال:[وسن قطع الودجين] بالطعن في جانبي العنق، وهما اللذان يخرج منهما الدم الكثير؛ لأن الحكمة في هذه الذكاة لأجل خروج الدم الذي هو محرم ويفسد اللحم.
قال:[وما عجز عنه كواقع في بئر ومتوحش ومترد يكفي جرحه حيث كان] ، وفي حديث رافع يقول:(ند بعير - هرب بعير - فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لهذه الدواب أوابد كأوابد الوحش، فما ند منها فاصنعوا به هكذا) ، فإذا هرب -مثلاً- ورموه بسهم فمات بسبب السهم فإنه حلال، سواء من الصيد أو من بهيمة الأنعام؛ لأن هذا السهم جرحه، ولا بد أنه خرج من هذا الجرح دم، فيكون بذلك صار حلالاً، وكذلك لو وقع في بئر، فإذا وقع جمل في بئر ولم يقدروا على إخراجه وعرفوا أنه سيموت، ينزلون عليه ويذبحونه، إن قدروا على أن يذبحوه في أصل الرقبة أو في أصل الرأس، فإذا لم يجدوا طعنوه في جنبه، أو طعنوه في فخذه حتى يموت بسبب سكين، والعادة أنه يخرج منه الدم، فيكون ذلك مبيحاً له مع ذكر اسم الله تعالى، وكذلك المتوحش، لو توحش تيس وهرب فرموه، فإنه إذا رموه وأصابوه بهذا السهم ومات بسببه إذا ذكروا اسم الله عليه حل أكله، والمتردي: الذي يسقط من جبل أو من سطح، إذا لم يجدوا إلا أن يجرحوه في الطريق، فإذا جرحوه في أي مكان يكفي جرحه حيث كان، في ظهره أو في فخذه أو غير ذلك.
فإن أعانه غيره فلا يحل، كما إذا كان رأسه في الماء وعرف أنه مات بسبب الغرق، فهذا البعير إذا انغمس رأسه في الماء ولم يستطع أن يخرجه، ولما وصلوا إليه وجدوه قد مات، ولو جرحوه فعادة لا يخرج منه الدم؛ لأنه قد مات، وإذا مات فإن الدم يتسرب في اللحم فلا يخرج، فلأجل ذلك إذا سقط البعير في البئر وانغمس رأسه في الماء، وجاءوا إليه وقد مات وطعنوه فإنه لا يحل؛ لأن الموت حصل بسبب انغماس رأسه في الماء، وكذلك كل ما كان موته بسبب مباح وغير مباح.