قال المصنف رحمه الله:[فصل: ويصح السلم بسبعة شروط: أن يكون فيما يمكن ضبط صفاته كمكيل ونحوه، وذكر جنس ونوع وكل وصف يختلف به الثمن غالباً، وحداثة وقدم، وذكر قدره، ولا يصح في مكيل وزناً وعكسه، وذكر أجل معلوم كشهر، وأن يوجد غالباً في محله، فإن تعذر أو بعضه صبر أو أخذ رأس ماله، وقبض الثمن قبل التفرق، وأن يسلم في الذمة فلا يصح في عين ولا ثمرة شجرة معينة] السلم هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد هكذا عرّفه صاحب (زاد المستقنع) ، ويُعرِّفه بعضهم بأنه ما عُجل ثمنه وأُخر مثمنه، وفي حديث ابن عباس: قدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يُسلمون في الثمار السنة والسنتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(من أسلف في شيء فليُسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم) ، وأكثر ما كانوا يُسلفون أو يسلمون في الثمار والزروع ونحوها، يحتاج صاحب النخل أو صاحب العنب إلى نقود، فيأتي إلى التاجر -مثلاً- ويقول: أبيعك في ذمتي مائة صاع من التمر أعطيكها بعد خمسة أشهر أو بعد سنة، وكل صاع بريال لتسلم لي الثمن الآن، ولو كان التمر موجوداً الآن لكان كل صاع بريالين، ولكن أنا أبيعه رخيصاً لأني محتاج إلى الثمن.
فينتفع صاحب النخل حيث يأخذ الدراهم مقدمة ليشتري بها -مثلاً- علفاً لدوابه، أو يُعطي منها أجرة العمال، ويُنفق منها على عياله، فإذا صرم النخل أعطى ذلك التاجر مائة صاع، وصاحب التجارة يبيع الصاع بريالين فيحصل له ربح.
وكذلك مثلاً صاحب الزرع، كإنسان يريد أن يزرع وليس عنده مال فعنده البئر وعنده الأرض، وعنده -كما في هذه الأزمنة- الماكنة أو الآلة التي يسقي بها، لكن عنده بعض الأدوات دون بعض، وهو في حاجة -مثلاً- إلى بذور، وبحاجة إلى أجرة عمال، وبحاجة إلى نفقة على عياله، فيأتي إلى التاجر ويقول: أبيعك مائة صاع بر في ذمتي مؤجلة إلى وقت الحصاد بعد خمسة أشهر أو بعد سنة كل صاع بريالين، ولو كان البر موجوداً لكان سعر الصاع بأربعة، ولكن للحاجة أبيعه برخص فيربح المشتري حيث إنه بعد الحصاد إذا قبضها يبيع الصاع بأربعة وقد اشتراه بريالين، وينتفع البائع بتعجيل الثمن، فكل منهما له فائدة، هذا هو حقيقة السلم.