[الوكالة عقد جائز ومثلها الشركة والمساقاة والمزارعة]
وحكم الوكالة أنها عقد جائز، فيجوز للوكيل أن يخلع وكالته، ويقول: وكلني فلان على بيع سلعته، واشهدوا أني لا أريد هذه الوكالة، وكلني على قبض دينه مثلاً أو على قبض مكافأة، واشهدوا أني لا أقبضها، فليوكل غيري، فيجوز للوكيل أن يعزل نفسه متى أراد، وكذلك الموكل يجوز أن يعزل وكيله.
وقد تكون الوكالة محددة، ففي بعض الأعمال قد يقول الموكل: يا فلان! أنت وكيلٌ على سقي هذه الأغنام أو سقي هذه الأشجار حتى يأتي زيد من سفره، فإذا جاء بطل توكيلك، أو أنت وكيلٌ على أولادي تنفق عليهم من أموالهم إلى أن يبلغ الكبير منهم الحلم ويكون رشيداً فتنفسخ وكالتك، فهذه تكون وكالةٌ مؤقتة، فإذا قدم زيد انفسخت وصار هو الوكيل، أو إذا بلغ فلان ورشد فهو الوكيل وتنفسخ وكالته، وقد يوكل الموصي أخاه ويقول: حتى يبلغ ابني ويرشد.
فالوكالة عقد جائز، فيصح للوكيل أن يخلع نفسه، ويصح أن يخلعه الموكل، ثم لو تصرف قبل أن يبلغه الخلع فإن تصرفه نافذ، فلو وكله ليطلق امرأته، ولما وكله ذهب الوكيل إلى المحكمة وقال: هذه وكالة لي من فلان بطلاق امرأته.
ولكن ندم الموكل فقال: اشهدوا أني خلعته عن هذه الوكالة، ولم يعلم الوكيل بالخلع حتى ذهب إلى القاضي، وأصدر القاضي صكاً بالطلاق قبل أن يبلغه الخبر بأنه مخلوع، ففي هذه الحال لا شك أنه ينفذ الطلاق؛ لأنه ما بلغه خبر العزل إلا بعدما كتب الطلاق.
وهكذا يقال في البيع، لو قال مثلاً: وكلتك في بيع بيتي مثلاً بخمسمائة.
ثم ندم وقال: من لقي فلاناً فليخبره أني قد عزلته، ولم يلقه أحد ألا بعد البيع وقبض الثمن وكتابة الوثيقة، فإنه ينفذ البيع؛ لأنه تصرف وهو مفوض وموكل.
وشركة العنان وشركة المضاربة كلاهما عقد جائز، يعني: يتمكن أحد الشريكين أن يحل الشركة وأن يطلب القسمة، وكذلك المساقاة والمزارعة، والمساقاة هي أن يقول: اسق هذا النخل سنة بنصف الثمر أو بربعه.
فيصح أن يبطل العقد قبل أن يثمر النخل، ويعطيه أجرة مثله.
والمزارعة أن يقول: ازرع هذه الأرض ولك نصف الزرع، فيصح أن يخلعه ثم يعطيه أجرة ما أنفقه، وكذلك الوديعة؛ إذا أودع عندك إنسان مثلاً ألف ريال فإنه يصح أن يأخذها بعد ساعة أو بعد يوم.
وكذلك الجعالة، فإذا قال: من بنى هذا الجدار فله مائةٌ، فله أن يقول: رجعت عن ذلك؛ وذلك لأنه لم يتفق مع واحد، وهذه كلها عقود جائزة، ولكل واحد فسخها.