السُّدِّىِّ: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾: أما ما كسَبت قلوبُكم، فما عقَدَت قلوبُكم، فالرجلُ يَحْلِفُ على اليمين يَعْلَمُ أنها كاذبةٌ، إرادةَ أن يَقْضِىَ أمرَه. والأيمانُ ثلاثةٌ، اللغوُ، والعمدُ، والغَموسُ، والرجلُ يَحْلفُ على اليمينِ وهو يُرِيدُ أن يَفْعَلَ، ثم يَرَى خيرًا مِن ذلك، فهذه اليمينُ التى قال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾. فهذه لها كفارةٌ.
وكأنَّ قائلَ هذه المقالةِ وجَّه تأويلَ قولِه: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ إلى غيرِ ما وجَّه إليه تأويلَ قولِه: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾. وجعَل قولَه: ﴿بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ الغَموسَ مِن الأيمانِ التى يَحْلِفُ بها الحالفُ على علمٍ منه بأنه في حلفِه بها مُبْطِلٌ، وقولَه: ﴿بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ اليمينَ التى يَسْتَأْنِفُ فيها الحِنْثَ أو البِرَّ، وهو في حالِ حلفِه بها عازمٌ على أن يَبَرَّ فيها.
وقال آخرون: بل ذلك هو اعتقادُ الشركِ باللهِ والكفرِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنى محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الحكمِ، قال: ثنا إسماعيلُ بنُ مَرْزوقٍ، قال: ثنى يحيى بنُ أيوبَ، عن محمدٍ -يعنى ابنَ عَجْلانَ- أن زيدَ بنَ أسْلَمَ كان يَقولُ في قولِ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾: مثلَ قولِ الرجلِ: هو كافرٌ، هو مُشْركٌ. قال: لا يُؤاخِذُه اللهُ حتى يَكونَ ذلك مِن قلبِه (١).
حدَّثنى يونُسُ، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿لَا