للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجاةً، وكذلك إذا نُجِّي منه، فقد نُصِر على مَن بَغَاه فيه سُوءًا، وفُرِق بينَه به (١) وبينَ باغيه السُّوءَ.

فجميعُ ما روَيْنا عمَّن روَيْنا عنه في معنى الفرقانِ قولٌ صحيحُ المعنى؛ لاتفاقِ معاني ألفاظِهم في ذلك.

وأصلُ الفرقانِ عندَنا الفرقُ بينَ الشيئَيْن والفصلُ بينَهما، وقد يكونُ ذلك بقضاءٍ (٢)، واسْتِنْقاذٍ، وإظهارِ حُجَّةٍ، ونصرٍ (٣)، وغيرِ ذلك مِن المعاني المُفَرِّقةِ بينَ المُحِقِّ والمُبْطِلِ. فقد تبَيَّن (٤) بذلك أن القرآنَ سُمِّي فرْقانًا؛ لفصلِه بحججِه (٥) وأدلتِه [وحدودِ فَرائضِه] (٦) وسائرِ معاني حُكْمِه، بينَ المُحِقِّ والمُبْطِلِ. وفرقانُه بينَهما بنصرِه المُحِقَّ وتَخْذيلِه المُبْطِلَ، حكمًا وقضاءً.

وأما تأويلُ اسمِه (٧) الذي هو كتابٌ، فهو مصدرٌ مِن قولِك: كتَبْتُ كتابًا. كما تقولُ: قمتُ قيامًا، وحسَبْتُ الشيءَ حسابًا.

والكتابُ هو خطُّ الكاتبِ حروفَ الكتابِ (٨) المُعْجَمِ، مجموعةً ومُفْتَرِقةً، وسُمِّي كتابًا وإنما هو مكتوبٌ، كما قال الشاعرُ في البيتِ الذي اسْتَشْهَدْنا به:

................. وفيها … كتابٌ مثلَ ما لصِق الغِراءُ


(١) سقط من: م.
(٢) في ر: "نقضا".
(٣) في م، ت ١، ت ٢: "تصرف".
(٤) في ر: "ترنوا".
(٥) في م: "بحجته".
(٦) في م: "حدوده وفرائضه".
(٧) سقط من: ر.
(٨) سقط من: م، ت ٢.