للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، قال: ثنا رجلٌ، عن مجاهدٍ قال: ﴿حَيْرَانَ﴾: هذا مَثَلٌ ضرَبه اللهٌ للكافرِ، يقولُ: الكافرُ حَيرانُ، يَدْعوه المسلمُ إلى الهُدَى فلا يُجِيبُ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا﴾. حتى بلَغ: ﴿لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (٢): علَّمها اللهُ محمدًا وأصحابَه، يُخاصِمون بها أهلَ الضَّلالةِ (٣).

وقال آخرون في تأويلِ ذلك بما حدَّثني به محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى﴾: فهو الرجلُ الذي لا يَسْتَجِيبُ لهُدى اللهِ، وهو رجلٌ أطاع الشيطانَ، وعمِل في الأرضِ بالمعصيةِ، وحار عن الحقِّ، وضلَّ عنه، وله أصحابٌ يَدْعونه إلى الهُدى، ويَزْعُمون أن الذي يَأْمُرُونه هُدًى، يقولُ اللهُ ذلك لأوليائِهم مِن الإنسِ، يقولُ (٤): إِن الهُدى هُدى اللهِ، والضلالةَ ما تَدْعو إليه الجنُّ (٥).

فكأن ابنَ عباسٍ على هذه الروايةِ كان يَرَى أن أصحابَ هذا الحيرانِ الذين يَدْعونه، إنما يَدْعونه إلى الضلالِ، ويَزْعُمون أن ذلك هدًى، وأن اللهَ أكْذَبَهم بقولِه: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾. لا ما يَدْعُوه إليه أصحابُه.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢١٢ عن معمر ورجل، عن مجاهد.
(٢) بعده في تفسير ابن أبي حاتم والدر المنثور: (خصومة).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٢٢ (٧٤٧٦) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.
(٤) سقط من: م.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٢٢ (٧٤٧٥) عن محمد بن سعد به.