للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشرفت على رأس جبلِ حُسْبانَ (١)، على عسكر موسى وبنى إسرائيل، جعَل يَدْعو عليهم، فلا يَدْعو عليهم بشيءٍ (٢) إلا صُرف لسانُه إلى قومه، ولا يَدعو لقومِه بخيرٍ إلَّا صُرِف لسانُه إلى بني إسرائيلَ. قال: فقال له قومُه: أَتَدْرِى يا بَلْعَمُ ما تَصْنَعُ؟ إنما تدعو لهم وتَدْعو علينا. قال: فهذا ما لا أَمْلِكُ، هذا شيءٌ قد غلب الله عليه. واندَلَعَ لسانُه فوقَع على صدرِه، فقال لهم: قد ذهَبت الآن منِّى الدنيا والآخرةُ، فلم يَبْقَ إلا المكرُ والحيلةُ، فسأَمْكُرُ لكم وأَحْتالُ؛ جَمِّلُوا النساءَ، وأَعْطُوهن السِّلَعَ، ثم أرْسِلوهن إلى العسكرِ يَبِعْنَها فيه، ومُرُوهن فلا تَمْنَعُ امرأةٌ نفسَها من رجلٍ أرادها، فإنهم إن زنَى منهم واحدٌ كُفِيتُموهم. ففعَلُوا، فلما دخَل النساءُ العسكرَ، مَرَّتِ امرأةٌ من الكَنْعانِيِّين - اسمُها كسى (٣) ابنةُ صور رأسِ أُمَّتِه - برجلٍ من عظماءِ بني إسرائيلَ، وهو زمرى بنُ شُلُومَ رأسُ سِبْطِ شَمعونَ (٤) بن يعقوبَ بن إسحاقَ بن إبراهيمَ، فقام إليها فأخَذ بيدِها حينَ أعجَبَه جمالُها، ثم أقبل بها حتى وقَف بها على موسى فقال: إني أَظُنُّك ستقولُ: هذه حرامٌ عليك؟ فقال: أجَلْ، هي حرامٌ عليك، لا تَقْرَبُها. قال: فوالله لا نُطِيعُك في هذا. ثم دخل بها قُبَّتَه فوقَع عليها، وأَرسَل الله الطاعونَ في بني إسرائيلَ، وكان فِنْحاصُ بنُ العَيْزارِ بن هارونَ صاحبَ أمْرِ موسى، وكان رجلًا قد أُعْطِي بَسْطَةً في الخَلْقِ وقوةً في البطش، وكان غائبًا حينَ صنَع زمرى ابن شَلومَ ما صنَع، فجاء والطاعونُ يَحُوسُ (٥) في بني إسرائيلَ، فأُخْبِر الخبرَ،


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س: "حان"، وفى م: "حنان".
(٢) في م: "بشر".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف، ونسخة من تاريخ المصنف: "كسبى"، وفى نسخة منه: "كسبى"، وفي تاريخ دمشق: "كيسي".
(٤) في ص، س، ف: "بن سمعان"، وفى ت ١: "بن شمعان".
(٥) في م: "يجوس" والحوس والجوس بمعنى، وهو العيث في الديار ذهابا وجيئة. التاج (ج و س، ح و س).