للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفتعلُ، من الرعى: ارتعيتُ فأنا أرتَعِى، كأنهم وَجَّهوا معنى الكلامِ إلى: أرسِلْه معنا غدًا يرتعِ الإبلَ ويلعبْ، ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ الكوفةِ: ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ﴾. بالياءِ في الحرفين جميعًا، وتسكينِ العينِ (١)، من قولِهم: رتَع فلانٌ في مالِه. إذا لَهَا فيه ونَعِمَ، وأنفَقَه فى شهواتِه. ومن ذلك قولُهم فى مَثَلٍ مِن الأمثالِ: القَيْدُ والرَّتَعَةُ (٢). ومنه قولُ القطاميِّ (٣):

أكفْرًا بعد ردِّ الموتِ عَنِّى … وبعدَ عَطَائِك المائةَ الرِّتَاعَا

وقرأ بعضُ أهلِ البصرةِ: (نَرْتَعْ)، بالنونِ (وَنَلْعَبْ)، بالنونِ فيهما جميعًا، وسكونِ "العينِ" من (نَرْتَعْ) (٤).

حدَّثني أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ، قال: كان أبو عمرٍو يقرأُ: (نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ) بالنونِ. قال: فقلتُ لأبي عمرٍو: كيف يقولون: (نلعب) وهم أنبياءُ؟ قال: لم يكونوا يومئذٍ أنبياءَ (٥).

وأولى القراءاتِ (٦) فى ذلك عندى بالصواب، قراءةُ مَن قرَأه في الحرفين كليهما بالياء، وبجزمِ العينِ في ﴿يَرْتَعْ﴾ (٧)؛ لأن القومَ إنما سألوا أباهم إرسالَ يوسفَ معهم، وخَدَعوه بالخبرِ عن مسألتِهم إياه ذلك، عما ليوسفَ في إرسالِه معهم


(١) وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٣٤٦.
(٢) الفاخر للمفضل بن سلمة ص ٢٠٨، ٢٠٩.
(٣) تقدم تخريجه في ١/ ١١٤.
(٤) وهى قراءة أبي عمرو وابن عامر. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٣٤٦.
(٥) ذكره النحاس في معانى القرآن ٣/ ٤٠١، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٩ إلى المصنف وابن المنذر.
(٦) في م: "القراءة".
(٧) القراءات كلها صواب.