للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لا ربَّ غيرُه، ولو كان معَه آخرُ لم يصلُحْ، ولو كان له شريكٌ لم تَستمسِكِ السماواتُ والأرضُ، ولو كان له ولدٌ لم يصلُحْ، فتبارَك وتقدَّس، وتسبَّح وتكبَّر وتعظَّم، ملكُ الملوكِ الذي [يَملِكُ السماواتِ السبعَ، بعلمٍ وحكمٍ وجبروتٍ وعزَّةٍ] (١)، الذي بسَط الأرضَ وألقَى فيها رواسىَ ألَّا (٢) تزولَ، فكذلك يَنبغِى لربى أن يكونَ ويكونَ مُلكُه. فأُوحِى (٣) إلى رأسٍ مِن رءوسِ بقيةِ الأنبياءِ أن نَبُوزَرادانَ حَبُورٌ صدوقٌ - والحبورُ بالعِبرانيةِ: حديثُ الإيمانِ - وإن نبوزَرادانَ قال لبني إسرائيلَ: إن عدوَّ اللَّهِ خردوسَ أمَرنى أن أقتلَ منكم حتى تسيلَ دماؤكم وسطَ عسكرِه، وإنى لستُ أستطيعُ أن أعصيَه. قالوا له: افعلْ ما أُمِرتَ به. فأمَرهم فحفَروا خندقًا وأمَر بأموالِهم من الخيلِ والبغالِ والحميرِ والبقرِ والغنمِ والإبلِ، فذبَحها حتى سال الدمُ في العسكرِ، وأمَر بالقتلى الذين كانوا قبلَ ذلك، فطُرِحوا على ما قُتِل مِن مواشيهم حتى كانوا فوقَهم، فلم يظُنَّ خردوسُ إلا أنَّ ما كان في الخندقِ مِن بنى إسرائيلَ، فلما بلَغ الدمُ عسكرَه، أرسَل إلى نبوزَرادانَ أن ارفَعْ عنهم، فقد بلَغتنى دماؤهم، وقد انتقَمتُ منهم بما فعَلوا. ثم انصرَف عنهم إلى أرضِ بابلَ، وقد أفنَى بنى إسرائيلَ أو كاد، وهى الوقعةُ الآخرةُ التي أنزَل اللَّهُ ببنى إسرائيلَ، يقولُ اللَّهُ عزَّ ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَاءِيلَ ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ إلى قولِه: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (٨)[الإسراء: ٤، ٨] و "عسى" من اللَّهِ حقٌّ، فكانت الوقعةُ الأولى بختنصّرَ وجنودَه، ثم ردَّ اللَّهُ لكم الكرَّةَ عليهم، وكانت الوقعةُ الآخرةُ خردوسَ وجنودَه، وهي كانت أعظمَ الوقعتين، فيها كان خرابُ بلادِهم، وقتلُ رجالِهم،


(١) في م: "له ملك السماوات السبع والأرض وما فيهن وما بينهما وهو على كل شيء قدير، فله الحلم والعلم والعزة والجبروت، وهو".
(٢) في م: "لئلا". وفي التاريخ: "لا".
(٣) بعده في م: "الله".