قَالَ الْمَازرِيّ: وَالْأَظْهَر عِنْدِي أَنه لم يرد فِي هَذَا الحَدِيث هَذَا الْمَعْنى لِأَن فِي سِيَاقه مَا يدل على خِلَافه.
قَالَ القَاضِي عِيَاض:" لَعَلَّه لم ير هَذَا التَّفْسِير بَينا لما ورد فِي أول الحَدِيث: أَلا أبشر النَّاس؟ قَالَ: لَا تبشرهم فيتكلوا، فَأَي إِثْم فِي كتم مَا أَمر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بكتمه، لكني أَقُول: لَعَلَّ معَاذًا لم يفهم من النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - النَّهْي لَكِن كسر عزمه عَمَّا عرض عَلَيْهِم من بشراهم بِهِ بِدَلِيل حَدِيث أبي هُرَيْرَة حِين قَالَ لَهُ: من لقِيت يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُسْتَيْقنًا بهَا قلبه فبشره بِالْجنَّةِ، ثمَّ لما قَالَ عمر للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: أخْشَى أَن يتكل النَّاس فخلهم يعملوا، قَالَ: فخلهم.
قَالَ: أَو يكون معَاذ بلغه بعد أَمر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بذلك لأبي هُرَيْرَة، وحذر أَن يكتم علما علمه وتأثم من ذَلِك فَأخْبر بِهِ، أَو يكون حمل النَّهْي على إذاعته للْعُمُوم وَرَأى أَن يخص بِهِ كَمَا خصّه بِهِ عَلَيْهِ السَّلَام، وَلِهَذَا ترْجم البُخَارِيّ عَلَيْهِ: من خص بِالْعلمِ قوما دون قوم كَرَاهِيَة أَن لَا يفهموا ".