٥٢ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرِاهِيمَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ قَالَ:
: بَلَغَنَا أَنَّ الْخَبِيثَ إِبْلِيسَ تَبَدَّى لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَنْصَحَكَ؟ قَالَ: كَذْبَتَ أَنْتَ لا تَنْصَحُنِي، وَلَكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ بَنِي آدَمَ.
قَالَ: هُمْ عِنَدْنَا عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ: أَمَّا صِنْفٌ مِنْهُمْ فَهُمْ أَشَدُّ الأَصْنَافِ عَلَيْنَا نُقْبِلُ عَلَيْهِ حَتَّى نَفْتِنَهُ، وَنَسْتَكِنُ مِنْهُ ثُمَّ يَتَفَرَّغُ لِلاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكْنَاهُ مِنْهُ، ثُمَّ نَعُودُ له فيعود، فلا نحن نيأس منه، ولا نحن ندرك منه حاجتنا، فنحن مِنْ ذَلِكَ فِي عَنَاءٍ، وَأَمَّا الصِّنْفُ الثَّانِي فهم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صِبْيَانِكُمْ نَتَلَقَّفُهُمْ كَيْفَ شِئْنَا قَدْ كَفَوْنَا أَنْفُسَهُمْ، وأما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون، لانقدر مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ.
قَالَ يَحْيَى عَلَى ذَلِكَ: هَلْ قَدَرْتَ مِنِّي عَلَى شَيْءٍ؟ قَالَ: لا إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنَّكَ قَدِمْتَ طَعَامًا تَأْكُلُهُ فَلَمْ أَزَلْ أُشَهِّيهِ إِلَيْكَ حَتَّى أَكَلْتَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُ فَنِمْتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ تَقُمْ إِلَى الصَّلاةِ كَمَا كُنْتَ تَقُومُ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: لا جَرَمَ لا شَبِعْتُ مِنْ طَعَامٍ أَبَدًا.
قَالَ لَهُ الْحَدِيث: لا جَرَمَ لا نَصَحْتُ نَبِيًّا بَعْدَكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute