للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

أَجَابَ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِرُتْبَةٍ أَعْلَى مِنْ رُتْبَةِ الْعِصْمَةِ عَنِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ، وَهِيَ رُتْبَةُ الرِّسَالَةِ وَالْوَحْيِ، يَدْفَعُ أَوْلَوِيَّةَ النَّبِيِّ بِالْعِصْمَةِ عَنِ الْخَطَأِ، فَإِنَّ الْخُلُوَّ مِنْ مَرْتَبَةٍ سُفْلَى مَعَ اتِّصَافِهِ بِالْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا لَا يُوجِبُ نَقْصًا.

وَأَيْضًا: وُجُوبُ اتِّبَاعِ أَهْلِ الْإِجْمَاعُ لَهُ يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ، وَإِذَا انْدَفَعَ الْأَوْلَوِيَّةُ، فَيَتَّبِعُ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى عِصْمَةِ الْإِجْمَاعِ عَنِ الْخَطَأِ وَجَوَازِ خَطَئِهِ فِي الِاجْتِهَادِ.

الثَّالِثُ: الْخَطَأُ فِي اجْتِهَادِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُخِلٌّ بِمَقْصُودِ الْبَعْثَةِ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْبَعْثَةِ اتِّبَاعُ النَّبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْمَصَالِحِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ شَرْعِ الْأَحْكَامِ. فَلَوْ جَازَ خَطَؤُهُ فِي الْحُكْمِ، لَمْ تَحْصُلِ الْمَصَالِحُ الْمَقْصُودَةُ، فَيَخْتَلُّ الْمَقْصُودُ مِنَ الْبَعْثَةِ.

أَجَابَ بِأَنَّ احْتِمَالَ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ مِنَ الْبَعْثَةِ ; لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَئِهِ، بِخِلَافِ احْتِمَالِ الْخَطَأِ فِي الرِّسَالَةِ وَالْوَحْيِ، فَإِنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ مِنَ الْبَعْثَةِ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِالِاتِّفَاقِ.

[مَسْأَلَةٌ الْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِدَلِيلٍ]

ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ النَّافِيَ هَلْ يُطَالَبُ بِالدَّلِيلِ عَلَى مَا نَفَاهُ؟ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ النَّافِيَ مُطَالَبٌ بِالدَّلِيلِ، سَوَاءٌ كَانَ نَافِيًا لِحُكْمٍ عَقْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ، إِذَا لَمْ يَكُنِ النَّفْيُ ضَرُورِيًّا.

وَقِيلَ: لَا يُطَالَبُ بِالدَّلِيلِ مُطْلَقًا.

وَقِيلَ: يُطَالَبُ بِالدَّلِيلِ فِي الْعَقْلِيِّ لَا الشَّرْعِيِّ.

وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ النَّافِيَ لَوْ لَمْ يُطَالَبْ بِالدَّلِيلِ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ ضَرُورِيًّا نَظَرِيًّا.

وَالتَّالِي بَاطِلٌ، وَإِلَّا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ، وَهُوَ مُحَالٌ.

بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُطَالَبْ بِالدَّلِيلِ، لَكَانَ لِكَوْنِ النَّفْيِ ضَرُورِيًّا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ضَرُورِيًّا نَظَرِيًّا.

الثَّانِي: الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى ذَلِكَ، أَيِ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّلِيلِ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَدَعْوَى قِدَمِهِ، وَدَعْوَى الْوَحْدَانِيَّةِ دَعْوَى نَفْيِ الشَّرِيكِ، وَدَعْوَى الْقِدَمِ دَعْوَى نَفْيِ الْحُدُوثِ. فَيَكُونُ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدًا عَلَى مُطَالَبَةِ النَّافِي بِالدَّلِيلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>