١٦٦١ - وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٦٦١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ. (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ مَيِّتٍ) أَيْ: مُسْلِمٌ كَمَا فِي رِوَايَةٍ. (تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ) أَيْ: جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. (يَبْلُغُونَ) أَيْ: فِي الْعَدَدِ. (مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ) أَيْ: يَدْعُونَ لَهُ. (إِلَّا شُفِّعُوا) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ: قُبِلَتْ شَفَاعَتُهُمْ. (فِيهِ) أَيْ: فِي حَقِّهِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: لَا تَضَادَّ بَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَكُرَيْبٍ ; لِأَنَّ السَّبِيلَ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقَامِ أَنْ يَكُونَ الْأَقَلُّ مِنَ الْعَدَدَيْنِ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْأَكْثَرِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا وَعَدَ الْمَغْفِرَةَ لِمَعْنًى لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ النُّقْصَانُ مِنَ الْفَضْلِ الْمَوْعُودِ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ يَزِيدُ تَفَضُّلًا، فَيَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ فَضْلِ اللَّهِ وَكَرَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِمَا الْكَثْرَةَ، إِذِ الْعَدَدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ اهـ.
فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَوْجَبَ» أَيْ: غَفَرَ لَهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ لِلرِّجَالِ فِعْلُ صَلَاةِ الْجَنَازَةِ، وَإِنَّمَا صَلَّوْا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَادًا الرِّجَالُ حَتَّى فَرَغُوا ثُمَّ الصِّبْيَانُ كَذَلِكَ، ثُمَّ النِّسَاءُ كَذَلِكَ، ثُمَّ الْعَبِيدُ كَذَلِكَ، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعَ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى صَلَاتِهِمْ عَلَيْهِ أَفْرَادًا، وَبِهِ يَرُدُّ إِنْكَارَ ابْنِ دِحْيَةَ لِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِعَظِيمِ أَمْرِهِ، وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَعَيَّنَ إِمَامٌ لِيَؤُمَّ الْقَوْمَ، فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ، وَقِيلَ: صَلَّوْا عَلَيْهِ جَمَاعَةً وَأَمَّهُمْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقِيلَ: جَمَاعَاتٌ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُمْ صَلَّوْا عَلَيْهِ أَفْذَاذًا) بِالْمُعْجَمَةِ، أَيْ: جَمَاعَاتٍ بَعْدَ جَمَاعَاتٍ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ رِوَايَةَ غَيْرِ مُسْلِمٍ أَفْرَادًا بِالرَّاءِ أَوْ أَرْسَالًا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ. (أَفْذَاذًا لِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ بِمَعْنَى جَمَاعَاتٍ اهـ. وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَفْرَادِ وَالْأَرْسَالِ هُوَ مَعْنَى الْأَفْذَاذِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةً مُنْفَرِدَةً، بَلْ كَانَتْ جَمَاعَاتٍ مُنْفَرِدَاتٍ، فَإِنَّ الرَّسَلَ مُحَرَّكَةً الْقَطِيعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، أَوْ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَجَمْعُهُ أَرْسَالٌ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِي النِّهَايَةِ: أَرْسَالًا أَيْ: أَفْوَاجًا وَفِرَقًا مُقَطَّعَةً يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute