للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى خَطَرٍ مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ، وَالذَّاكِرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَرُدُّ غَضَبَ اللَّهِ وَيَهْزِمُ جُنْدَ الشَّيْطَانِ وَيَتَدَارَكُ لِدَفْعِ مَا حَثَّ عَلَيْهِمْ مِنْ تِلْكَ الْأَفْعَالِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١] فَيُدْفَعُ بِالذَّاكِرِ عَنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ، وَفِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ فَسْخٌ لِأَفْعَالِ أَهْلِ السُّوقِ ; فَبِقَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُفْسَخُ وَلَهُ قُلُوبِهِمْ لِأَنَّ الْقُلُوبَ مِنْهُمْ وَلِهَتْ بِالْهَوَى قَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: ٢٣] وَبِقَوْلِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يُفْسَخُ مَا تَعَلَّقَ بِقُلُوبِهِمْ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فِي نَوَالٍ أَوْ مَعْرُوفٍ، وَبِقَوْلِهِ لَهُ الْمُلْكُ يُفْسَخُ مَا يَرَوْنَ مِنْ تَدَاوُلِ أَيْدِي الْمَالِكِينَ، وَبِقَوْلِهِ وَلَهُ الْحَمْدُ يُفْسَخُ مَا يَرَوْنَ مِنْ صُنْعِ أَيْدِيهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي الْأُمُورِ، وَبِقَوْلِهِ يُحْيِي وَيُمِيتُ تُفْسَخُ حَرَكَاتُهُمْ وَسَكَنَاتُهُمْ وَمَا يَدَّخِرُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ لِلتَّبَايُعِ فَإِنَّ تَمَلُّكَ الْحَرَكَاتِ تَمَلُّكٌ وَاقْتِدَارٌ، وَبِقَوْلِهِ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ يَنْفِي عَنِ اللَّهِ مَا يُنْسَبُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ، ثُمَّ قَالَ: بِيَدِهِ الْخَيْرُ أَيْ: أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَطْلُبُونَهَا مِنَ الْخَيْرِ فِي يَدِهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَمَثَلُ أَهْلِ الْغَفْلَةِ فِي السُّوقِ كَمَثَلِ الْهَمَجِ وَالذُّبَابِ مُجْتَمِعِينَ عَلَى مَزْبَلَةٍ يَتَطَايَرُونَ فِيهَا عَلَى الْأَقْذَارِ فَعَمَدَ هَذَا الذَّاكِرُ إِلَى مِكْنَسَةٍ عَظِيمَةٍ ذَاتِ شُعُوبٍ وَقُوَّةٍ فَكَنَسَ هَذِهِ الْمَزْبَلَةَ وَنَظَّفَهَا مِنَ الْأَقْذَارِ وَرَمَى بِهَا وَجْهَ الْعَدُوِّ وَطَهَّرَ الْأَسْوَاقَ مِنْهُمْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ} [الإسراء: ٤٦] أَيْ: بِالْوَحْدَانِيَّةِ " وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا " فَجَدِيرٌ بِهَذَا النَّاطِقِ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ أُلُوفُ الْحَسَنَاتِ وَيُمْحَى عَنْهُ أُلُوفُ السَّيِّئَاتِ وَيُرْفَعَ لَهُ أُلُوفُ الدَّرَجَاتِ اهـ. كَلَامُ الطِّيبِيِّ - طَيَّبَ اللَّهُ مَضْجَعَهُ - (كَتَبَ اللَّهُ لَهُ) أَيْ: أَثْبَتَ لَهُ، أَوْ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ لِأَجْلِهِ (أَلْفَ أَلْفَ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ) أَيْ، بِالْمَغْفِرَةِ، أَوْ أَمَرَ بِالْمَحْوِ عَنْ صَحِيفَتِهِ (أَلْفَ أَلْفَ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفَ دَرَجَةٍ) أَيْ: مُقَامٍ وَمَرْتَبَةٍ (وَبَنَى لَهُ بَيْتًا) أَيْ: عَظِيمًا (فِي الْجَنَّةِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ السُّنِّيِّ، إِلَّا أَنَّ وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ مِنْ مُخْتَصَّاتِ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ السُّنِّيِّ (وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْمَصَابِيحِ (مَنْ قَالَ فِي سُوقٍ جَامِعٍ يُبَاعُ فِيهِ بَدَلَ مَنْ دَخَلَ السُّوقَ) وَفِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ جَاءَ رَاوِي الْحَدِيثِ إِلَى قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ أَمِيرِ خُرَاسَانَ فَقَالَ لَهُ أَتَيْتُكَ بِهَدِيَّةٍ وَحَدَّثَهُ بِالْحَدِيثِ فَكَانَ قُتَيْبَةُ يَرْكَبُ فِي مَرْكَبِهِ حَتَّى يَأْتِيَ السُّوقَ فَيَقُولُهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>