وَالشَّعِيرِ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: الْعِلَّةُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْوَزْنُ فَيَتَعَدَّى إِلَى كُلِّ مَوْزُونٍ مِنْ نُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الْأَرْبَعَةِ الْكَيْلُ فَيَتَعَدَّى إِلَى كُلِّ مَكِيلٍ كَالْجِصِّ وَالْأَسْنَانِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَدِيمِ: الْعِلَّةُ فِي الْأَرْبَعَةِ الدَّمُ وَالْوَزْنُ وَالْكَيْلُ، فَمَعْنَى هَذَا لَا رِبَا فِي الْبَطِّيخِ وَالسَّفَرْجَلِ وَنَحْوِهِمَا، لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي الْقَدْرِ بِخِلَافِ الْمُسَاوَاةِ، أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقَدْرِ مَقْبُوضَيْنِ (" يَدًا بِيَدٍ ") : وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَمَا مِنَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ، إِذِ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمُمَاثَلَةُ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ، وَبِالثَّانِي اتِّحَادُ مَجْلِسِ تَقَابُضِ الْعِوَضَيْنِ بِشَرْطِ عَدَمِ افْتِرَاقِ الْأَبْدَانِ، وَبِالثَّالِثِ الْحُلُولُ لَا النَّسِيئَةُ (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَجَدْنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ قَدْ ضَرَبَ عَلَى الْأَصْنَافِ وَأَثْبَتَ مَكَانَهَا الْأَجْنَاسَ. وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ: الْأَصْنَافُ لَا غَيْرَ، وَأَرَى ذَلِكَ تَصَرُّفًا مِنْ بَعْضِ النُّسَّاخِ عَنْ ظَنٍّ مِنْهُ أَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الْأَجْنَاسُ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ عَلَى حِدَتِهِ جِنْسٌ، وَالصِّنْفُ أَخَصُّ مِنْهُ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الْأَصْنَافَ أَقْوَمُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّهُ أَرَادَ بَيَانَ الْجِنْسِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، فَعَدَّ أَصْنَافَهُ مَعَ أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ بَعْضَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَقَارِبَةِ فِي الْمَعْنَى مَكَانَ بَعْضِهَا اهـ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا بِيعَ شَيْءٌ مِنْهَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ، لَكِنْ يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ كَبَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ، فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ) : لَكِنْ بِشَرْطِ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ الْآخَرَيْنِ مِنَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِقَوْلِهِ: (" إِذَا كَانَ ") ، أَيِ: الْبَيْعُ (يَدًا بِيَدٍ) ، أَيْ: حَالًا مَقْبُوضًا فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ افْتِرَاقِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا الْأَرْبَعَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute