للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٥٠ - «وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّائِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: ٥١] قُلْتُ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ» ذُكِرَ فِي قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

ــ

٣٢٥٠ - ( «وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّائِى وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ أَعِيبُ عَلَيْهِنَّ لِأَنَّ مَنْ غَارَ عَابَ لِئَلَّا يَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ فَلَا يُكْثِرُ النِّسَاءَ وَيَقْصُرُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ تَحْتَهُ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ تَعِيبُ عَلَيْهِنَّ لِلْإِشْعَارِ عَلَى حِرْصِهِنَّ وَلِلدَّلَالَةِ عَلَى قِلَّةِ حَيَائِهِنَّ حَيْثُ خَالَفْنَ طَبِيعَةَ جِنْسِ النِّسَاءِ مِنْ تَعَزُّزِهِنَّ وَإِظْهَارِ قِلَّةِ مَيْلِهِنَّ، وَإِنَّمَا هِبَةُ النَّفْسِ كَانَتْ مَحْمُودَةً مِنْهُنَّ لِمَكَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُهَا (قُلْتُ: أَيْ بِطَرِيقِ الْإِنْكَارِ أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا) : وَفِي رِوَايَةٍ " أَمَا تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ ". (فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (تُرْجِئُ) بِالْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ قِرَاءَتَانِ مُتَوَاتِرَتَانِ مَنْ أَرْجَأَ مَهْمُوزًا أَوْ مَنْقُوصًا أَيْ تُؤَخِّرُ وَتَتْرُكُ وَتُبْعِدُ (مَنْ تَشَاءُ) : أَيْ: مُضَاجَعَةَ مَنْ تَشَاءُ (مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي) : أَيْ: تَضُمُّ (إِلَيْكَ) : وَتُضَاجِعُ (مَنْ تَشَاءُ) : أَوْ تُطَلِّقُ مَنْ تَشَاءُ وَتُمْسِكُ مَنْ تَشَاءُ أَوْ مَعْنَى الْآيَةِ تَتْرُكُ تَزَوُّجَ مَنْ شِئْتَ مِنْ نِسَاءِ أُمَّتِكَ وَتَتَزَوَّجُ مَنْ شِئْتَ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: ٥٢] فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تُوُفِّيَ حَتَّى أُبِيحَ لَهُ النِّسَاءُ مَعَ أَزْوَاجِهِ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: أَشْهَرُ الْأَقَاوِيلِ أَنَّهُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَهُنَّ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ سَقَطَ عَنْهُ وَصَارَ الِاخْتِيَارُ إِلَيْهِ فِيهِنَّ. (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ) : أَيْ: طَلَبْتَ وَأَرَدْتَ أَنْ تُؤْوِيَ إِلَيْكَ امْرَأَةً (مِمَّنْ عَزَلْتَ) : عَنِ الْقِسْمَةِ (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ) : أَيْ: فَلَا إِثْمَ فَأَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ تَرْكَ الْقَسْمِ لَهُنَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُؤَخِّرُ مَنْ يَشَاءُ فِي نَوْبَتِهَا وَيَطَأُ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُنَّ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا، وَيَرُدُّ إِلَى فِرَاشِهِ مَنْ عَزَلَهَا تَفْضِيلًا لَهُ عَلَى سَائِرِ الرِّجَالِ. (قَالَتْ مَا أَرَى) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَوْ ضَمِّهَا أَيْ مَا أَظُنُّ (رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ) : اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ (فِي هَوَاكَ) : أَيْ: يُوَصِّلُ إِلَيْكَ مَا تَتَمَنَّاهُ سَرِيعًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ يُخَفِّفُ عَنْكَ وَيُوَسِّعُ عَلَيْكَ فِي الْأُمُورِ وَلِذَا خَيَّرَ لَنَا اهـ. ثُمَّ الْوَاهِبَةُ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ: مَيْمُونَةُ وَقِيلَ: أُمُّ شَرِيكٍ وَقِيلَ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ وَقِيلَ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْهِبَةَ وَقَعَتْ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُنَّ وَهُوَ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٠] لِأَنَّ النَّكِرَةَ قَدْ يُرَادُ بِهَا الْعُمُومُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ اتَّقُوا اللَّهَ) : أَيْ: مُخَالَفَتَهُ أَوْ مُعَاقَبَتَهُ (فِي النِّسَاءِ) : أَيْ: فِي حَقِّهِنَّ وَالتَّخْصِيصُ لِضَعْفِهِنَّ وَحَبْسِهِنَّ (ذُكِرَ فِي قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ) : أَيْ: فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ هُنَا مُكَرَّرًا وَلِذَا أَسْقَطَهُ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>