٤١٣٤ - وَعَنْ سَلْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْجَرَادِ، فَقَالَ: " أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ، لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدُ، وَقَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ ضَعِيفٌ.
ــ
٤١٣٤ - (وَعَنْ سَلْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْجَرَادِ» ) ، أَيْ عَنْ حِكْمَةِ خَلْقِهِ وَحُكْمِ أَكْلِهِ. فَقَالَ: أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ) ، أَيْ هُوَ أَكْثَرُ جُنُودِهِ تَعَالَى مِنَ الطُّيُورِ، فَإِذَا غَضِبَ عَلَى قَوْمٍ أَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْجَرَادَ لِيَأْكُلَ زَرْعَهُمْ وَأَشْجَارَهُمْ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ الْقَحْطُ إِلَى أَنْ يَأْكُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَفِئَ الْكُلُّ وَإِلَّا فَالْمَلَائِكَةُ أَكْثَرُ الْخَلَائِقِ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عِزَّ وَجَلَّ فِي حَقِّهِمْ {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر: ٣١] (لَا آكُلُهُ) أَيْ: أَطْعَمُهُ لِأَنِّي أَكْرَهُ " طَبْعًا (وَلَا أُحَرِّمُهُ) . أَيْ عَلَى غَيْرِي شَرْعًا لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ السَّائِلِ أَتَأْكُلُ الْجَرَادَ أَمْ لَا؟ أَوْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِقَوْلِهِ: لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ، وَقَوْلُهُ: أَكْثَرُ جُنْدِ اللَّهِ كَالتَّوْطِئَةِ لِلْجَوَابِ وَالتَّعْلِيلِ لَهُ كَأَنَّهُ قِيلَ: هُوَ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ يَبْعَثُهُ أَمَارَةً لِغَضَبِهِ عَلَى بَعْضِ الْبِلَادِ، فَإِذَا نُظِرَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْكَلُ وَإِذَا نُظِرَ إِلَى كَوْنِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْغَدَاءِ يَحِلُّ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا، وَهُوَ لَا يُلَائِمُ التَّصْرِيحَ بِحِلِّيَّتِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، مَعَ أَنَّ دَلِيلَ الْحُرْمَةِ وَالْحِلِّ إِذَا تَعَارَضَا تُرَجَّحُ الْحُرْمَةُ، وَهَذَا لَا قَائِلَ بِهِ فِي حَقِّ الْجَرَادِ، فَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ لِلدَّمِيرِيِّ، أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِهِ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَقَّفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ، فَيَبْقَى الْحُكْمُ مَوْقُوفًا بَيْنَ الْعِبَادِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنَّهُ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ: يَحِلُّ أَكْلُهُ سَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِذَكَاةٍ أَوْ بِاصْطِيَادِ مَجُوسِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ قُطِعَ شَيْءٌ مِنْهُ أَمْ لَا. وَعَنْ أَحْمَدَ: إِذَا قَتَلَهُ الْبَرْدُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَمُلَخَّصُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنْ قُطِعَتْ رَأْسُهُ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى عُمُومِ حِلِّهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ» ) . (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ، ضَعِيفٌ) . أَيْ إِسْنَادُهُ أَوْ مَعْنَاهُ لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَفِيهِ: وَيَأْكُلُهُ مَعَنَا، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَهَادَيْنَ الْجَرَادَ فِي الْأَطْبَاقِ، وَفِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْجَرَادِ؟ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي قُفَّةً آكُلُ مِنْهَا. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute