للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟) : وَأَغْرَبَ الْمُظْهِرُ فِي قَوْلِهِ: مَا لِلتَّعَجُّبِ، يَعْنِي: الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ حَسَنٌ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْكُنْيَةَ غَيْرُ حَسَنَةٍ، وَتَبِعَهُ الطِّيبِيُّ فَقَالَ: وَلَمَّا لَمْ يُطَابِقْ جَوَابَ أَبِي شُرَيْحٍ قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَلْطَفِ وَجْهٍ وَأَرْشَقِهِ رَدًّا عَلَيْهِ ذَلِكَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا، لَكِنْ أَيْنَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا؟ فَاعْدِلْ عَنْهُ إِلَى مَا هُوَ يَلِيقُ بِحَالِكَ مِنَ التَّكَنِّي بِالْأَبْنَاءِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الرُّجُوعِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ وَأَلْيَقُ بِحَالِهِ. (قَالَ: لِي شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ) : ظَاهِرُ التَّرْتِيبِ الْمُقْتَضِي لِعَقْلِهِ أَنَّهُ قَدَّمَ الْأَكْبَرَ فَالْأَكْبَرَ، لَكِنَّ الْوَاوَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مُطْلَقِ الْجَمْعِ كَانَ غَيْرَ صَرِيحٍ فِي الْمُدَّعَى (قَالَ: " وَمَنْ أَكْبَرُهُمْ) : فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكَنَّى الرَّجُلُ بِأَكْبَرِ بَنِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ فَبِأَكْبَرِ بَنَاتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ بِأَكْبَرِ بَنِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ابْنٌ فَبِأَكْبَرِ بَنَاتِهَا.

(قَالَ) أَيْ: هَانِئٌ (قُلْتُ: شُرَيْحٌ) أَيْ: أَكْبَرُهُمْ (قَالَ: فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ) أَيْ: رِعَايَةً لِلْأَكْبَرِ سِنًّا، فَصَارَ بِبَرَكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْبَرَ رُتْبَةٍ، وَأَكْثَرَ فَضْلًا، فَإِنَّهُ مِنْ أَجِلَّةِ أَصْحَابِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ مُفْتِيًا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَيَرُدُّ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَقَدْ وَلَّاهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاضِيًا، وَخَالَفَهُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْحَسَنِ لَهُ وَالْقَضِيَّةُ مَشْهُورَةٌ. قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: وَأَمَّا التَّابِعِيُّ: فَإِنْ ظَهَرَتْ فَتْوَاهُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ كَشُرَيْحٍ كَانَ مِثْلَهُمْ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَلَعَلَّهُ عُدَّ فِي فَصْلِ الصَّحَابَةِ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِ الْمُصَنِّفِ لِهَذَا الْمَعْنَى، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنَ الْمُخَضْرَمِينَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>