٤٨٢٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «أَتُدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ". قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: " إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: " «إِذَا قُلْتَ لِأَخِيكَ مَا فِيهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِذَا قُلْتَ مَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» ".
ــ
٤٨٢٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَتُدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ قِيلَ: أَيْ: أَتَعْلَمُونَ مَا جَوَابُ هَذَا السُّؤَالِ؟ (قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: أَتُدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: ١٢] ، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، يَعْنِي: وَلَوْ عَلِمْنَا بَعْضَ الْعِلْمِ، لَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْكَ حَقِيقَةُ الْعِلْمِ بِكُلِّ شَيْءٍ فَضْلًا عَنِ الْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا (قَالَ: ذِكْرُكَ) أَيْ: أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ خِطَابًا عَامًّا (أَخَاكَ) أَيِ: الْمُسْلِمَ (بِمَا يَكْرَهُهُ) أَيْ: بِمَا لَوْ سَمِعَهُ لَكَرِهَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْغِيبَةَ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ، وَأَكْثَرِهَا انْتِشَارًا بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَسْلَمَ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ، وَذِكْرُكَ فِيهِ بِمَا يَكْرَهُهُ عَامٌّ، سَوَاءٌ كَانَ فِي بَدَنِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ أَوْ نَفْسِهِ أَوْ خُلُقِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ زَوْجِهِ أَوْ خَادِمِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ مَشْيِهِ وَحَرَكَتِهِ وَبَشَاشَتِهِ وَعَبُوسَتِهِ وَطَلَاقَتِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ، سَوَاءٌ ذَكَرْتَهُ بِلَفْظِكَ أَوْ كِتَابِكَ، أَوْ رَمَزْتَ أَوْ أَشَرْتَ إِلَيْهِ بِعَيْنِكَ أَوْ يَدِكَ أَوْ رَأْسِكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ مَا أَفْهَمْتَ بِهِ غَيْرَكَ نُقْصَانَ مُسْلِمٍ فَهُوَ غِيبَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمُحَاكَاةُ بِأَنْ يَمْشِيَ مُتَعَارِجًا أَوْ مُطَأْطِئًا، أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْهَيْئَاتِ مُرِيدًا حِكَايَةَ هَيْئَةِ مَنْ يَنْقُصُهُ بِذَلِكَ. (قِيلَ) أَيْ: قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ (أَفَرَأَيْتَ) أَيْ: فَأَخْبِرْنِي (إِنْ كَانَ فِي أَخِي) أَيْ: مَوْجُودًا (مَا أَقُولُ؟) أَيْ مِنَ الْمَنْقَصَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ ذِكْرُهُ بِهَا أَيْضًا غِيبَةً كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عُمُومِ ذِكْرِهِ بِمَا يَكْرَهُ. (قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ) أَيْ: مِنَ الْعَيْبِ (فَقَدِ اغْتَبْتَهُ) أَيْ: لَا مَعْنَى لِلْغِيبَةِ إِلَّا هَذَا، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْمَنْقَصَةُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ) : بِفَتْحِ الْهَاءِ الْمُخَفِّفَةِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ أَيْ: قُلْتَ عَلَيْهِ الْبُهْتَانَ وَهُوَ كَذِبٌ عَظِيمٌ يُبْهَتُ فِيهِ مَنْ يُقَالُ فِي حَقِّهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَكَذَا الثَّلَاثَةُ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ، وَالْمُرَادُ بِهِمُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُمَا: «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ: " ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» " وَذَكَرَاهُ بِتَمَامِهِ عَلَى مَا حَرَّرَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute